الأحد، 3 أغسطس 2008

المتناقضات داخل حركة ابريل

المتناقضات داخل حركة ابريل
سبب نجاح أم فشل

هل تعتقد أن وجود نقيض الشئ بداخله قد ينهيه؟ الكثيرون يعتقدون هذا، اما ان فلا، الشئ قد يحمل الضد بداخله ويكون هذا سببا فى نجاحه، هي سنة كونية كما أراها لها مبرراتها الخلقية، فالإنسان يحمل بداخله الخير والشر، واليسر يحمل بداخله العسر والنواة تحمل بداخلها ما ينسفها، ومع ذلك عاشت كل تلك الأشياء ومازالت، هكذا كانت حركة أبريل، فقد حملت فى طياتها كافة التيارات فأصبحت معبرا حقيقيا عن كافة أطياف المجتمع السياسي المصري.

تعتبر هذه ميزة كبيرة للغاية من وجهة نظري في تلك الحركة الفتية، بل والأكثر غرابة أنها حملت بداخله المهووسين دينيا وسياسيا وفكريا دون أن يقضى عليها، وكان هذا مثار استغرابي في البدايات المبكرة عند تعرفي على تلك الحركة، اذ أنني لم أشهد كل هذا الطيف بتلك الدرجات في أي تيار سياسي مصري سابق، لكنني لم أتوقع أن يؤدي هذا التناقض داخل الرحم بتلك الحركة لأنني أعرف دوافع قيامها واستمرارها أيضا، وهى الضغوط الشديدة التي يعاني منها كل فئات المجتمع وطبقاته داخل مصر من النظام الحاكم والتي تعتبر تلك الحركة تعبيرا عنها، وصدقت توقعاتي إلى حد بعيد، حتى الغاضبين والخارجين عن الحركة نراهم يعودون اليها ولو بعد حين.

داخل تلك المجموعة السياسية التي انتصرت حتى الآن على الحكومة في أمور عدة، فهى تقول ما تريد دون رقابة، وهم يجتمعون بالمئات في وقت واحد رغم أنه ممنوع حكوميا، وهم يقولون الحقيقة ويناقشون أوجهها المختلفة كل من وجهة نظره ومع ذلك عندما قدم بعض أعضاؤها للمحاكمة لم يكن هناك من دليل ضدهم، إذ أن النت حتى الآن غير معترف به أمام القضاء كإثبات أو دليل ادانة، وهو من حسنات التخلف الحكومي الذي نستمتع به في بلادنا وهي فرصة لنا لنشم بعضا من نسيم الحرية المحرومون منه

داخل تلك الحركة تجد العلمانيين يصرخون كعادتهم فى الجدل حول الديمقراطية وحقوق الانسان على اطلاقه دون تمايز أو تمييز ويجتمعون حول الموضوع الواحد يؤيد بعضهم بعضا كأنهم في وليمة، وشهية أيضا، واحذر ان تدخل بينهم برأي قد يخالفهم، فانك قد تدفع الثمن من كرامتك قرأت أحدهم مرة قال لأحدى البنات بأنك (جاموسة)، فضحكت حتى بكيت من الضحك، هم كالقطار يسير على خط واحد، أكثر من ينتمي للمجموعة من المحبين وليسوا المنتمين للتيارات الإسلامية فهم يؤيدون الإسلام بالنكهة الوسطى وخاصة الإخوان المسلمون وقد يحبون الإسلام دون أية انتماءات لأي تيار إسلامي سياسي على الأرض لكن حلم الإسلام فى داخلهم ان يحكم بلادهم وهم غير منظمون على الإطلاق داخل المجموعة نظرا لأن أغلبيتهم لم يعرفوا الإسلام السياسي ولم يقرؤوا فيه ولا التاريخ الإسلامي أيضا فتجد المناقشات تدور حول موضوعات قد تفهم خطوطها الرئيسية وعليك أن تتلمس ما يريدون التوصل إليه دون أن يوضحوا أفكارهم كأنه ضباب في السحاب، أما المهووسون دينيا من المسيحيين والمسلمين على السواء فهم كثيري الجدل إلى حد ان ينتهي التوبيك في أيام عديدة وتظل تتابعه وفى النهاية تشعر انك فى حاجة إلى ان تنفض رأسك مما دخله، فلا أنت فهمت شيئا ولا استرحت بل تخرج متعبا تشعر بالغباء والتشتت أيضا.
ما جمع هؤلاء الشباب ليس الاتجاه الفكري المتناقض ما بين العلمانية والإسلام والمهووسين دينيا من الطرفين، ولا الرؤية المشتركة، بل جمعهم شعورهم المشترك بالضغط الشديد سياسيا وامنيا واقتصاديا وفكريا، لهم انتماءات سياسية ودينية يعبرون عنها بوضوح ويصرخون وتتعالى أصواتهم اذ فقدوا الخبرة فى ممارسة حياتهم الفكرية والسياسية والعلمية بشكل طبيعي ويغضبون ويذهبون ثم يعودون ولا يفرقهم هذا الاختلاف، وتعتبر هذه إحدى الميزات الكبرى في تلك المجموعة السياسية، وليست ناشئة بالطبع عن مهارة إدارية من مديري المجموعة بل الحاجة الشديدة لممارسة التجربة وانجاز شئ ما يخفف عنهم ضغوط الحياة هو مايصهرهم في تلك البوتقة التي تغلي لكنها لا تنفجر، والتي لو انفجرت فأعتقد انها ستنفجر في وجه الحاكم الذي ظلمهم.

ليست هناك تعليقات: