الخميس، 31 يوليو 2008

الخونة 6 (الخائن الأكبر)


الخونة – الحلقة السادسة (الخائن الأكبر)

استعراضي لسير الخونة من حكامنا السابقين خلال مراحل متشابهة لما نحن فيه الان قبل الوصول لتلك الحلقة كان هامة بالنسبة لى لعدة أهداف:
1- كيف كنا وكيف كانت كرامتنا وتاريخنا وانجازاتنا ودور الحاكم فينا، مقارنة هذا بما نحن فيه قد يشعرنا بمدى الانهيار البشع الذي وصلنا إليه ووصلت إليه كرامتنا وانحطاطنا
2- أن الحاكم الخائن وان خان من ناحية فانه فى النواحي الأخرى كان يقوم بدوره على أفضل وجه فقد كانوا يقومون بدورهم في التنمية والتخطيط وحماية الدولة والشعب والجهاد ورغم هذا لم تكن الشعوب لتسامحهم فتنقض عليهم لقتلهم اذا خرج عن الخط المرسوم له كحاكم
3- كيف كنا كشعوب فيما سبق لا نرضى إلا أن يقوم الحاكم بدوره ونقف فى وجهة لإسقاطه مهما كان الثمن والتضحيات ولا يمكن للحاكم أن يأمن على نفسه من عاقبة الخيانة من شعبه
4- أن انتماء شعوبنا لأرضها ودينها لا يتغير مهما كانت اتجاهات الحكام والضغوط أو الإغراءات الخارجية
5- أن الأطماع كانت تقف فيما سبق من الحكام على الكرسي، اما اليوم فقد تعدت هذا الأمر بكثير الى الطمع فى أرزاق الشعب وتغير دور الحاكم من رعاية الشعب الى سرقته ومن حمايته الى طعنه ومن امنه الى التأمر عليه مع اعدائه وتنفيذ مخططاتهم فيه، هذا لم يحدث من قبل فى التاريخ، وكيف يحدث وقد كانت الشعوب تهب فى وجه حكامها عند أول بادرة منه للانقلاب على دوره، اما اليوم فالشعب ينتظر الموت ويتألم فى صمت، تغير الحاكم والمحكوم، وكما نقول فى المثل الشعبي: قالوا لفرعون مين فرعنك قال ملاقتش حد يقول لا، او كذا يقولون ، وهو مثل توصل الحكماء إليه ويتطابق مع الآية الكريمة {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} (54) سورة الزخرف.


نصل الآن إلى موضوع تلك الحلقة وهو الخائن الأكبر مبارك، ومن خلال السياق ربما سندرك أن المقارنات السابقة بينه وبين الخونة من أمثاله في تاريخ امتنا تجعل من عنوان الدراسة - الخائن الأكبر – صحيحة الى حد بعيد، او هكذا اعتقد أنا.

بدأ مبارك انجازاته الكبيرة في حياته من خلال الضربة الجوية في حرب 1973 التي أصبحت فيما بعد كالطبل يصم بها أعلامه أذاننا كأنه البطل الذي ما أنجبت الأمة مثله يوما ما، وتحت غطاء تلك الدعاية كان يمارس هذا الخائن الذي نتجرع مرارة خيانته فى كل يوم خياناته العظمى مع اسرائيل ومع العصابة الأفاقة من حوله الذين سلبونا القوت والرزق والحرية والحياة الكريمة والهواء النظيف والصحة الجيدة. ونحن لا نريد ان نسلبه حقه فى هذا الانجاز فلكل منا حسناته وسيئاته، لكن هذا يذكرني بحديث للرسول الكريم ربما يعرفنا كيف يحدث هذا التناقض الغريب فى تصرفات خائن من تلك النوعية، فقد وجد الناس رجلا يكافح بشجاعة وإقدام فذكروه بشجاعته واثنوا عليه عند الرسول فحدثهم الرسول وقال هو فى النار، فتعجب الناس وقام واحد منهم يتتبع الرجل ليعرف كيف يكون مثل هذا المجاهد الشجاع فى النار، فوجده وقد أصابه سهم لم يتحمل ألامه فقتل نفسه، عاد الرجل للنبي وقال والله انى لأشهد انك لرسول الله وابلغه بالحادثة فقال النبي فى معنى الحديث ان الله لينصر هذا الدين بالفاجر. ولو كان مبارك هذا الشجاع صاحب الضربة الجوية انتحر مثل هذا الرجل لأراحنا وربما استراح قليلا فى النار قبل ان يعذب كل هؤلاء البشر فيتحمل وزرهم معه، كلاهما شجاع وكلاهما كان موظفا يقبض ثمن عمله، لكن احدهما قتل نفسه والآخر قتل الناس. حكم النبي عليه بالفجر ولا نعرف لو كان بيننا النبي كيف كان يحكم على مبارك! لكن لا يضيع عند الله شئ، {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} (42) سورة إبراهيم
ان كان هذا عن الانجاز الذي أصموا آذاننا به فماذا عن السيئات، قلبي يوجعني وانأ اكتب المقال متحدثا عنها، فما أثقلها بالفعل، تمنيت ألا افعل لكن ينبغي أن أقوم بهذا.

من قرأ كتاب بروتوكلات حكماء صهيون يدرك ان ما يحدث في بلادنا مستحيل له الحدوث دون تخطيط، فمستحيل ان تغرق مصر في الديون بهذا الكم الرهيب ولا نعرف اين تذهب، ومستحيل ان تغرق مصر فى الانهيار الفكري والثقافي والعلمي بهذا الشكل دون تخطيط، ومستحيل ان تحدث تلك الفجوة بين الحاكم والمحكوم دون تخطيط، ومستحيل ان تغرق مصر فى الأمراض والسرطانات والتلوث بتلك البشاعة دون تخطيط، ومستحيلان تغرق مصر فى الانهيار الأخلاقي والفساد الفني دون تخطيط، ومستحيل ان تنهار الصناعة والزراعة والتجارة في مصر بهذا الوضع دون تخطيط، يمكنك ان تقيس على هذا باقي نواحي الحياة والتي جاء ذكرها فى بروتوكلات حكماء صهيون، واضحة المسألة هى اذن بعد كل هذا الزمن من حكمه مصر، إن من يحكمها يتآمر عليها ويسلمها لأعدائها لتنفيذ مخططاتهم فيها، يعذب أهلها ويدمر حضارتهم وانجازاتهم، الدلائل كثيرة لا حصر لها توجع القلب والمرارة أيضا إذا ذكرناها، منها المعونات التي يدخل اغلبها لجيوب أصحابها، ومنها الاتفاقيات السرية والعلنية التي نعرف بعضها ويختفي عنا بعضها مثل اتفاقية الكويز التي ركعت مصر للاقتصاد الإسرائيلي، منها بيع الغاز بأقل من سعر التكلفة لإسرائيل واسبانيا التي تقوم بإعادة بيعه لليابان بخمسة أضعاف سعره، منها بيعهم الفول والأرز لإسرائيل بأسعار زهيدة اقل مما يمكن للمواطن داخل بلده الحصول عليه به، منها منح إسرائيل خيرات سيناء مجانا من المعادن، منها جعل ارض مصر مختبرا لعلماء إسرائيل في المجال الزراعي للتدريب على كيفية تدمير الشعب والأرض معا بالأمراض التي تهلك الأرض والناس، منها بيع ارض مصر وشركاتها لإسرائيليين، قد أكون أغفلت البعض و لا اعلم الكثير، لكنها شواهد تدمي القلب وتفجر الدماغ، كلها تقول إن إسرائيل لو كانت احتلت مصر ما استطاعت أبدا تحقيق ما حققه لها هذا الخائن الأعظم.

ومن ناحية دور مصر إقليميا وعالميا، فقد انهارت مصر وولى زمانها ولم يعد لوجودها قيمة بعد ان كانت توازنات المنطقة إقليميا هي عموده الفقري، وأصبحت تابعا ذليلا لإسرائيل القائد والأخ الأكبر لدول المنطقة، ولم يعد بمقدور مصر حتى فتح حدودها مع غزة للمساعدة ولو إنسانيا إلا بعد إذن من إسرائيل، ألهذا وصلت الأمور!! ناهيك عن انهيار دورها عربيا وإفريقيا وأصبحت إسرائيل بدعم من أمريكا صاحبة اليد العليا فى المنطقة تتنافس مع إيران وتركيا على قيادتها وبسط نفوذها ومشاريعها على كل الدول الإسلامية والعربية في منطقتنا وفي إفريقيا أيضا.

وعن الخصخصة وبيع انجازات هذا الوطن وشعبه التي ظل سنينا يبنيها بعرقه فقل ما شئت كيفما شئت، فان الشركات تباع لشركات أجنبية بأقل من سعرها الأصلي وربما بأقل من النصف أيضا ورغم وجود مشترين مصريين الا انه يحرم عليهم، وسنجد أنفسنا بعد فترة نعمل لدى الأجانب في بلادنا ونعيش على أرضهم فى بلادنا وإذا غضبوا علينا ربما طلبوا ترحيلنا منها بعد ان يجدوا لنا منفى فى موزمبيق او رواندى ولنبحث عندها عن إنشاء دولة للمصريين فى مكان آخر، ووصلت الأمور مؤخرا إلى الحديث عن بيع مياه نهر النيل وهو مخطط جارى تنفيذه بالفعل، وربما يليه النيل نفسه أيضا على ان نشتري نحن منه ما نحتاج من مياه! أتعجب؟ انا أيضا أعجب ولكنني لا استبعد حدوثه فنحن نستورد الغاز بأسعار عالمية بينما نبيعه بأسعار اقل من سعر التكلفة، ونزرع الكنتالوب بينما لا نجد قمحا نأكله!! لا تعجب اذن فهي مخططات ولا فرق لدى هؤلاء بين هذا وذاك طالما من اجل ارضاء عيون أحبابهم الصهاينة الذين يرسمون لهم مخططاتهم ويحمون لهم العرش وسمعنا كلاما عن خصخصة قناة السويس أيضا، وكلما ابتلع الشعب جزءا بدءوا في تنفيذ ما يليه من أجزاء.

أما عن تدمير الصناعة والتجارة والزراعة فقد خطط له منذ زمن بعيد بفرض الضرائب القاتلة وتعقيد إجراءات الجمارك وخنق رجال الأعمال والاستيلاء على فرص الاستثمار وغلق البلد فى وجه الاستثمارات الأجنبية من خلال الفساد وخنق رجال الأعمال المصريون حتى يهرب منهم من يهرب للخارج، وسهلوا فرص الهروب بالأموال لهم لكي يكون منفذا لهم للعمل بأموالهم فى الخارج ومنفذا للحرامية لكي ينهبوا أموال الشعب ويهربوها للبنوك الاجنبية حتى وصلت المبالغ المهربة الى جزء كبير من الدخل القومي، وشجعوا الاعمال الخدمية كالسياحة والمواصلات على حساب الانتاج والتعدين والتصنيع وضغطوا على الباحثين والعلماء وأساتذة الجامعة لكي يهربوا مثل فاروق الباز وزويل ومجدي يعقوب او يقتلوهم مثل جمال حمدان وسعيد بدير او يقمعوهم فيظلوا صامتين حتى يحدث الانفجار مثلما حدث من اعتصامات أساتذة الجامعات ولم تعد اسرائيل فى حاجة الى قتل هؤلاء العلماء مثلما كانت تفعل من قبل بل قام الرئيس نيابة عنهم بتنفيذ مخططاتهم، وكان فى هذا ضربة قوية لاقتصاد هذا البلد الذي توقف فيه او كاد حركة البحث العلمي، والمتبقي منها إما يعمل لإضافة قيمة لما توصلت له الأبحاث العالمية دون اية مراعاة لما يحتاجه الوطن او أصبحت أبحاثا مضافة الى الرفوف الممتلئة يعلوها التراب ولا قيمة للمجهود المبذول فيها، فكان خنق الاقتصاد من كل الطرق، طريق رفع أسعار الأراضي والخدمات والضرائب على رجال الأعمال وزرع الفساد والرشوة فى كل مكان وخنق حركة الاستيراد للمواد الخام اللازمة للتصنيع وقتل حركة البحث العملي ومن يفلت منكل تلك المعوقات ويستطيع الإنتاج عليه ان يقبل شراكة ابن الرئيس له!
انهارت الصناعة وأصبحنا نعتمد على الاستيراد، وركعت الزرعة ولم يعد أمامنا ما نأكله الا الخضروات والفواكه المسرطنة عديمة القيمة الغذائية، وتداخلت حركة التجارة مع انهيار القيمة فاصبحنا نستورد فوانيس رمضان من الخارج فانهارت الصناعات الاصيلة اليدوية الجميلة واصبحنا نستورد ونصدر ما يربح منه الكبار لا ما يحتاجه الشعب وقضايا الفساد فى هذا الخصوص من استيراد لحوم غير صالحة والعاب مسرطنة وغيرها اكثر من ان نحصيها في مقال، ومن المستحيل ان يحدث هذا دون تخطيط لإغلاق منافذ الخير لهذا الشعب وفتح منافذ الرشوة والفساد والانحلال والتدمير، هى اجندة عدائية اذن ينفذها هذا الخائن لهم.

وعادة فان الخونة فيما سبق كانوا يتجاوزون الخطوط الحمراء للشعب في مسالة أو أكثر، أما هذا الخائن فقط تجاوز كل الخطوط في كل شئ تقريبا وبحسب ما يتساهل فيه الشعب ويقبله،وكلما قبل شيئا فرض الخائن آخر، فقد سرق الخائن فى قوت الشعب مع عائلته حتى سمن هو ومعاونيه من دم اليتامى والفقراء والمعدمين وقتلى العبارات والقطارات وحوادث الأتوبيسات الشهيرة والمعدومين ومن لا يجدون قوت يومهم والعاطلين عن العمل والمظلومين والمصابين بالسرطانات والأمراض الخبيئة والمقتولين فى بواخر الهجرة والموت، ولم أرى حاكما من الحكام الخونة فيما سبق كان حريصا على السرقة مثلما فعل هذا الخائن، فقد امتص دم هذا الشعب الساكت بالضرائب، ومن المعونات التي وصلت حدا خرافيا وكانت توضع اغلبها باسمه هو والمقربين فى حساباته فى البنك وما تبقى منها كانت تخصص لمشاريع غير تنموية يقوم بها شركات الجهة المانحة ببواخر من البلاد المانحة والعاملين من البلاد المانحة اى كانت لتشغيل اقتصاد تلك البلاد بفوائد يدفعها هذا الشعب من قوته، العجيب ان الخائن كان يقوم من فترة لأخرى بعمل حملات يشجع فيها الإعلام الحكومي الشعب لتسديد ديون مصر التي أكلها الخونة، وكلما هبطت الديون تعود للارتفاع، وبعد حرب الخليج الأخيرة التي باع فيها الخائن العراق وتعاون مع قوات الاحتلال الأمريكي وفتح لهم قناة السويس في مقابل مسح الديون عادت مرة اخرى قريبا لنجدها وقد ارتفعت ارتفاعا جنونيا، الا يشبع هؤلاء الخونة؟ كم من المليارات او الترليونات سرقوها ولم يكتفوا، أما الشباب الباحث عن عمل بمبالغ مهينة للكرامة البشرية ولا يجدون تكون تصريحات المسئولين وقتها ان العمل موجود لكن الشباب لا يريد العمل الجاد بل يريد الجلوس على المكاتب، لم يعد حتى الحياء من الله ولا من الناس موجودا فيهم، تخطت بجاحتهم كل حدود اللياقة والأدب في السرقة ثم التصريحات بعد السرقة، وأصبحنا نجد من هؤلاء أغنياء يعدون من صفوة أغنياء العالم يعيشون على ارض يعاني سكانها من الفقر و المرض والبطالة والمواصلات والحياة الكريمة والحرية، وأصبحت السرقة هي الطريق للثراء وللوصول للمناصب بجوار الخائن الأعظم الذي سرق فما ترك شيئا وهى من غرائب حكامنا الخونة الذين كتبت عنهم.

ولم تتوقف المسألة عند تلك الحدود فالعادة ان من طبائع الحكام إنهم إذا ضغطوا على الشعوب من ناحية فإنهم ينفسوا عنهم من ناحية أخرى لكن هذا الخائن لم يسمح بهذا التنفيس الا بقدر ما يمنع الثورة، فقد حرم الناس من الرزق والمواصلات والتعليم الجيد وحرم البلد من قيام الاقتصاد القوي ومن النهوض العلمي وزاد على كل هذا حرمانهم من الحرية أيضا، فمن ليس معي فهو ضدي يجب تأديبه في السجن او قمعه او التضييق عليه ببعض القضايا والاهانات أو تسليط امن الدولة عليه ذلك الجهاز البشع المكرس لتعذيب الناس في بلادي بلا رحمة وعطل القوانين وفرض قانون الطوارئ لمدة حكمه بالكامل حتى وقت كتابة هذا المقال وهو ما لم نرى مثيلا له فى كل العالم وهو بهذا قد حقق الكثير مما لم يحققه أمثاله من الخونة فى التاريخ القديم او الحديث والمعاصر ويستحق ان يدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية، أنا أرشحه لهذا وأتمنى ان يقبلوا الترشيح ليشظل اسمه مسجلا خالدا فى تاريخ البشرية بتلك الانجازات الحقيرة.

واذا كانت الخيانة والسرقة وتركيع الاقتصاد ودور مصر الإقليمي والعالمي هي الدور الذى قام به لربما كان المصاب عظيما ولكنه ليس بحجم تلك الخيانة الفظيعة التي أدتها بقيامه للترويج للمشروع الصهيوني بين الدول العربية وتدخلاته الدائمة في تلك الدول لقبولها بقيام علاقات طبيعية مع إسرائيل والتبادل التجاري معها، ثم انه قام بدور أخبث فى ضرب الحركات المقاومة لإسرائيل ومناهضة حماس وتعذيب رجالها الموجودين فى مصر للإدلاء بمعلومات لصالح إسرائيل والتدخل الدائم في القضية الفلسطينية لمساعدة اسرائيل فيما تريد الحصول عليه من الفلسطينيين، وأصبح النظام المصري في عداء دائم مع كل مشاريع المقاومة مثل سوريا وحزب الله وإيران ويختلق معها المشاكل دائما وكأنه حائط الدفاع الأول عن المشروع الصهيوني في المنطقة، هذا أيضا من عجائب خيانته إلي لم أجد لها مثيلا في التاريخ، فقد يخون الحاكم مرة او مرتين ضد قضايا وطنه اما بهذا الشكل فلم ارى ولم أتخيل ان يحدث أيضا.

انهارت مصر، وركع شعبها وهو ما لم يستطع الأعداء أخذه منها، نفذ لها الخائن الأعظم مخططاتها ولا أظنه استطاع تنفيذ هذا دون العوامل التالية:
1- ان ينفذ المخططات الموضوعة بدقة ومهارة عالية من الخراج
2- قدرتهم على تطويعه لإرادتهم في مقابل بعض مصالح شخصية له ولمن حوله
3- قدرته هو على النفاذ وإيجاد من يساعده في تنفيذ تلك المخططات ممن لديهم القدرة على إطاعة الأمر دون مراجعة الضمير وممن يسرهم الله للنار معه
4- سلبية شعب مصر وتخليهم عن كل مشاريع المقاومة مثل الإخوان والناصريين وغيرهم ممن شكلوا رفضا حقيقيا لحكمه

بدون تلك العوامل ما وصلت مصر وشعبها إلى ما وصلوا إليه الآن، وما يحدث في مصر يشكل منعطفا لأخر لتعليمات حكماء صهيون الذين وضعوا من تعليماتهم أحدث انشقاق وكراهية بين الحاكم والمحكوم تجعل من استقرار تلك الشعوب ورفاهيتها امرا صعبا.

ما يمكن ان نستخلصه من سيرة الخائن الأعظم أوجزه فيما لي:
- أن الله ينصر أحيانا الدين او الوطن بالفاجر، فقد نصر الله هذا الشعب بهذا الخائن فى حرب أكتوبر، ولا معنى لان نهلل لتلك الانجازات فقد كان يؤدي دورا وقتها مثله مثل اى جندي ولنأخذ مثلا الجندي عبد العاطي الذي دمر وحده 26 دبابة من دبابات العدو ثم مات متعبا ممتلئا قلبه بالجراح مما فعله به هذا الوطن عقابا له على ما فعل، فما الفارق بين ان نحرم هذا ونضيق عليه وهو بطل حقيقي بينما نهلل لفاجر ذو بطولة زائفة ونعطيه كل شئ حتى لم يعد تبقى اى شئ!!
- أن سكوت الشعب يؤدي للكوارث عليه هو في المقام الأول، فلولا سكوت الشعب على هذا الخائن لما وصلنا لما وصلنا إليه الآن
- لم يكن السكوت فقط على الخائن بل على أعوانه أيضا فلو ان هؤلاء الأعوان الخونة كان لهم عقابا رادعا من الشعب لتردد الكثيرون منهم في طاعته ولما وجد أمامه إلا ان يرضخ لإرادة الشعب ومصالحه
- انهيار القيمة الدينية داخل المجتمع أدت إلى وجود أشخاص في الأمن وخاصة جهاز امن الدولة سئ السمعة لا يخافون من الله ولديهم القدرة على قتل ضمائرهم،فقد أصبح الدين أيضا دينا حكوميا يزرعون ما يشاءون و ينزعون ما يشاءون
ولا عودة لمصر إلا بقيام الشعب بدوره للدفاع عن نفسه وللعلماء بقيادة هذا الشعب من جديد كما كان يحدث بدلا من خضوعهم للخائن، وارى في الليالي السوداء القادمة بشائر خير لكن الخير فى قلبها لن يظهر إلا بعد أن نرى وجهه أولا من خلال أيام دامية سيمر بها هذا الوطن تكفيرا لهذا الشعب عن أخطاؤه الدائمة في السكوت عن حقوقه وما اغتصبه منه هذا الخائن الأكبر الذي حقق انجازات في الخيانة لم اقرأها او أشاهدها من قبل يستحق عليها جائزة مثل جائزة نوبل في الخيانة وهى غير موجودة بالطبع، اقترح إنشاؤها وتكون الجائزة هى الإعدام.

الأربعاء، 30 يوليو 2008

شبي يا ثورة


شبي يا ثورة
كان الصبر حليم واحتار
شبي يا ثورة ف وسط النار
واحرقي كل فاجر جبار
نهبوا بلادنا سرقوا ولادنا
هما الضباط الفجار
بيسموا نفسهم احرار
بايديهم وقفوا كل عمار
ايد بتساعد الاستعمار
شبي ياثورة وولعي فيهم
لمي ياثورة في الثوار
اقضي عليهم، روحي اليهم
رجعي خيرك للأخيار
باعوا ف عرضك فسدوا ف ارضك
هما عصابة من الأشرار

شبي ياثورة ف صدر الناس
شعب فقير مسكين محتاس
مسكوا رقبته وخنقوا الراس
حرقوا كتابه والكراس
قتلوا حضارته وكسروا الفاس
كتموا انفاسه بكل حماس
سحلوا فى جسمه وفقعوا العين
شالوا منه اى حواس
شبي ياثورة ف شعب انداس
صبره انهار
حول كل الضلمة نهار
صبره مرار
جاب لبلادنا كل العار
صبره عشار
وهيولد مارد جبار
صبره احتار
بعد الحيرة بتيجي النار
صبر وفار
م التنور الحل اختار

شبي يا ثورة بكل ما فيكي
وافتحى شباكك فى السجن
تعب الشعب المسجون فيكي
طار العقل.. المصري اتجن

انتي الامل الباقي عشانا
فيكي اللهب اللى ف ألحانا
انتى النار الطاهرة بتغسل
دمعة وطالت جوا زمانا
انتى الفارس جاي وراكب
فرسه لمصر وليكي المنة
انتى الثورة منتظرينك
تصبغى شعر بلادي بحنة
انتى الفجر الطالع لينا
بَدّل ارض النار بالجنة
انتى السهم اللى المستقبل
نور بيكي لكل ولادنا

شبي ياثورة تعبنا خلاص
حطمي قيد حكام الجيش
ضحكوا علينا بس خلاص
شفنا بعينا بلاوي شاويش
تعب القلب من الاخلاص
طعت روحنا وماتقوليش
ظلم الظالم فيها وهاص
نفسي الصبر في يوم ميجيش

شبي ياثورة وفيكي القوة
فيكي الايد بتهد جبال
فاكر نفسه شديد وفتوة
انسي ياثورة اللى بيتقال
قومي بايدك انتى وهو
حرروا مصر من المحتال
احرقوا حاكم ظالم جوه
انفذوا مصر من المغتال
برد نارك شد ازارك
خلى نار الثورة امال
بيها ترجع حقك دارك
بيها تحقق كل محال
شيل م الكرسي حرامي نهارك
حقق حلمك لينا خيال
وامشي وصمم على مشوارك
تمسح عار الفقر جبال
وافتح شيش الثورة لجارك
تفتح مصر ورودها جمال
وادخل واثق من خطواتك
تضحك مصر ف الاستقبال
افتح بيتك وافتح بابك
تفتح مصر الحضن مجال
واحضن بلدك واشرب كاسك
وامشي الثورة بحور واميال
مصري ياراجل لسة وفاضل
شعلة ثورة رجال وعيال
قوموا وشيلوا واقطعوا حيله
اللى قتل بايديه اجيال

مصر بلادي كريمة عظيمة
مش حنسيبها للفجار
مش سايبينك مش بايعنيك
مش حنسلم للثوار

نبــوت الغفــير


نبــوت الغفــير
يانبوت الغفير
يابنوت اللوا
يامطرقع للفقير
لما طاب واستوى

يانبوت واتهرى
منك جسم الغلابة
والعضم داب وانكوى
وحسبي ع الديابة

يانبوت الحمير
يانبوت الندامة
ماسكاك ايد الامير
سايبة فينا علامة

يانبوت الوزارة
اللى اسهما الداخلية
ماتت عندك سمارة
واتجننت فوزية

يانبوت الامين
يانبوت الشرطة
احنا الناس الضايعين
و عاملنهم تورتة

يانبوت الرئيس
اللى حرامي السلطة
انت فى ايد القراطيس
واحنا ف سجن ف ورطة

يانبوت الظالمين
وارم جسمي منك
ف بلادنا مظلومين
امتى نبعد عنك

يانبوت الندامة
سبت فى قلبي علامة
وكسرت بايدك قلبي
وضاعت مني السلامة

يانبوت الحرامي
نهب بيك الحرامي البلد
وقتل بيك الحرامي الولد
ضيع بيك البلاد والناس
شعبي منك بايده اتجلد

كتبنا ع الورق اننا تعبانين
وعانينا المر من نظامه سنين
وصرخنا فى ودان البقر الاتنين
وشدينا ع البطون الحبال والطين

ماسمعش الزعيم شكوانا جوه القصر
وماعاشش ويانا الزعيم لا جوع ولا فقر
اصل الزعيم عايش لسة ف زمان
مش حاسس لفين وصل مابينا العصر

بين العذاب والفقر دقنا العصر
ماشية الامم للامام وماشي العصر
فرق بين زعما زمان والان
وفرق بين عصر زمان والعصر

شوفت اتنين فى السما طايرين
بيهمسوا مع بعضهم فرحانين
وقلت ليه ومين و ازاى
يكون فيه عندنا شبعانين؟

قالوا مش بنشيل الهم
ولا لينا زعيم ولا هم
ولو جالنا زعيم شلناه
مفيش من وراه غير غم

باديكوا تشيلوه ترموه
ولو ممكن لكوا تحاكموه
بتحنوا اليه الراس
ولو غيركوا لكان ركبوه

ناس وناس


ناس وناس

ناس في بلدي مبسوطين
وناس حزينة ومطحونين
عجبي على ناس قلبها
حجر على المظلومين

ورئيس حرامي موالي للأعداء
يدي خير بلادنا رخيصة للحلفاء
شكل عصابة بتحكم وياللعجب
يمصوا دمنا اكتر من الغرباء

وناس عايشة ف مارينا زى الفل
تمص ف دم و واكلة خير الكل
يمشي بسيارته والفقير اترمى
في الشارع قلبه عليه مايطل

وناس تبص من قصرها على ناس
فى حياتها ماشية قلبها منداس
لتحت الارض عينهم متكسرة
تعبهم الذل وكسرهم الافلاس

وناس فى حفلة شايلة قزازة خمر
بتمنها يغتني طول الفقير الدهر
يشربها ويدفع تمنها فى دقيقتين
والتاني ما يقدر يجمع تمنها فى عمر

وناس تطرب ودنها بملايين
ياخدوهم اهل الغنا التافهين
يتمنى الفقير بعضهم
ويديهم ودانه اتنين

وناس عايشة تدوق المر
عبد وبيقولولوا حر
عشان نفسه يبيع كلاوبه
ولعياله يعيش بيكر


وناس عايشة ولا الباشاوات
راكبين فى شعبنا الاغاوات
مسحوا الكرامة بالملاليم
وشوية دقيق وحاجات

ترابيزة عليها عيش والمش
وتانية اكلهاما بيتوصفش
ذنبه ايه الفقير يا غني
يجوع، يتهري البدن والكرش

وحياة من عذابها جنان
سجن، وفيه الانسان
وكل جريمته الفقر
جننه البيه السلطان

ياشعب مصر الدهب قول اه
بلادي ترابها دهب والله
اشوف شعبها واتقهر
قلبي من حسرته قال اه


قلبه كان كورة كفر
يحب الناس و البشر
ظلموه وف بلوته
كره البلاد واتقهر

جربت كاسين م العذاب و الهنا
لاتنين موجودين على ارضنا
فيه ناس وبيشربوا مبسوطين
وناس من عذابها متجننة

معلم نبوته خشب لكن حديد
سياستة تلاتين سنة مفيهاش جديد
ع الراس بيضرب وع الرجلين
ياتعيش كسيح واما ياتموت شهيد

وناس حواليه عايشة منتفعة بيه
فوق دماغنا راكبة وضاربين عليه
لو تعبت دماغنا ولابد يوم تسقط
راح يضربوا ويطبلوا على ايه

يا ابن الشهيد والدك مات مستجير
ايا مطحون مذلول تعبان فقير
يا تعيش مذلول حتى الممات
ياتموت فقير محتاج تايه حقير

فى الحياة لينا ماسابوش خيار
ولا غاز ولا شغل ولا الخيار
يانثور ويروح واحد من الاتنين
يانعيش بالكفن للاحتضار

مصر واهلها

مصر الجميلة ضاعت ضيعها ناس
مبيفهومش في السياسة ولا عندهم احساس
وقعدنا نصرخ متألمين بالأمل
كاد الامل ينتحر بحماس

سافرت سنين ورجعت تاني حزين
ابكي اللى ضاع واللى جاع متبهدلين
عملت ايه يازمن في مصر العظيمة
مش كفاية اننا .. ليها متجرحين

اوعى الطريق مليان حفر ومطب
اللى يقول الحق فيها يطب
لا بروح وباجي كتير عشان مقعش
اللى يقع فيها في العذاب يتكب

فين مصر العظيمة وفين ناسها العظام
ليه ضعتي ومعدتش فيكي نظام
غير الجوع والفقر ساكن فيكي
عظام ساكنة القبور وفيها عظام

حزين مشيت ورجعت تاني خلاص
لاعرفت اهرب ولا منكي أي خلاص
بمشي واتوب رجعني حضنك تاني
الحضن دافي في الذنب والاخلاص

سامحينا سامحنا فيكي كتير
نذنب نتوب ما كلنا تقصير
دمعت عيوني من ذنوبي يا امي
انتى المسامحة ام قلب كبير


اتخرسنا مع اننا بلسان
نسينا ياصاحبة الحب والاحسان
ان فضلك علينا كبير
وان الحنان فيكي جواه حنان


سبنا كلاب الارض تنهش فيكي
ولما نحتاجك تاني نرجع ليكي
يضمنا حجرك وقلب جميل
وانتى يا امى خايفة منا عليكي


مصر بتدور في ساقية ومنها لاقية
المر والمرار والحزن والتبكيت
والناس لسة نايمة وهايمة
عايشة في الهجص والتنكيت


يامصري مد الايدين واشتد
اجري قوم بسرعة تعالى وشد
ابعد كلاب الارض ما بيرحموها
الناب فيها بيغرس وفيها قلب اتهد

اهيم فى وجهك وانتى فيكي جمال
وابحلق وكلي منكي امال
جمال وباين بيشتكي بأنين
ياما نفسي تكوني اجمل حال

يرجع لي تاني البصر حيران
نفسه يشوف القمر فرحان
ينده يلاقي الصدى بيرجع له
حتى صوت الصدى تعبان

مصر يادنيا الغلابة التعبانين
يامنكدين عشيتكوا في دين وطين
ممكن تفكوا عنكوا قيد الهم
لما تقولوا لأ للفراعين

اندم تندم عيوني بالم
واخدين على وشنا كم الم
كل الالم يجرح ولكن
فرق بين الالم والالم


فيكي يامصر احنا متغربين
تايهين سنين جواكي
وبراكي ضايعين سنين
لا الجرح يلم تاني ولا
يهدا في صدورنا ليكي حنين

احنا الفريسة السهلة المستضعفة
كان عايش فينا بطرس مع مصطفى
دخل اللئام بين عظمهم لم يتركوا
لما النيران ولعت لم تنطفى

اقسم يامصر فيكي الخير
نهب اللصوص منكي كتير
قال عنكي النبي المختار
كنانة مهما حتي يصير


بصيت لطائر بجناحين في السما
بيبص ع الناس اللى متألمة
وسالته انت ليه بترمي النظر
قال بتعجب على اللى فيها الحمى
و فيها الفصاحة متكلمة
بتعجب كيف الاقي الناس
لابسة ثوب الخوف و متكممة
وانت ياشعب ياللى كله فصيح
سكتت ليه مش بترضى تصيح
ولا الجنايز فيكي متحرمة

سمع الطير صوت في السدوم
انا شعب كان حر مليان هموم
انا شعب جاع ضيعوه
في التراب مرمغوه
واللى شريف فينا
يطلعوه مجذوم

تراب سكن التراب وفي التراب ملفوف
نام الفقير جنب الغني المعروف
ايا مطحون في الارض يا مسكين
فادك بإيه قبل التراب الخوف

فرعون

سكن في شرم مد ايده اتمطع
قام في العباد والبلاد بيقطع
مين فرعنك انت مين جندك
مع قوتك في البلاد بتمزع

كان فيها خير كان فيها كتير نظام
قام حضرته قال انا النظام
ومن ساعتها البلد مافيهاش نظام

على تورتة عيد الميلاد قام مال
يطفي الشموع المليانين بالنار
ثمانين سنة فيها الكتير يتقال
على اللى اكل في بطنه النار

حق اليتامى والغلابة الفلاحين
حق اللى في شمس النهار تعبانين
حق اللى جوه في السجون قاعدين
يتعذبوا بالالم
يتعذبوا بالانين

فرعون قام انبسط طفى السيجار
والديب من غيظه لف قال ياحمار
انا قلت لك اوعى الفقير راح يثور
لو تسرق اسرق واوعى الفقير ينهار

يامضيعين الطريق
يامضيعين الامل
فرعون تاه في الطريق
وازاحته هو الامل

رباعيات الحزن

لا تطلب الحزن ولا تهرب اليه
ولا تجري منه ولا تبكي عليه
دا كل حزن فيه جواه الفرح
وكل فرح مكتوب حزنه عليه


تنسى كتير احزان وترجع لها
وتكتب ليوم الفرح من قلبها
ولما يجي الفرح ينده عليها
تلاقي الفرح خايف من حزنها


ماشية الحياة بالحزن مرة ومرة ماشية بفرح
لو يهبش الحزن فيك مرة راح تنجرح
ولو تلاقي الفرح هيكلبشك
ما هو كل قلب داقه قام انشرح

يامكلبشين في الحياة بايد من حديد
ونفسكم فرحكم يرجع لكم من جديد
راح يرجع الفرح ولا بد راجع اليكم
هى الحياة لازم فيها الفرح والتجديد


مشيت في طريق مليان بشر
في ليلة ضلمة فيها طالع قمر
كل العيون من كل جنس ولون
دايقة طعم الليل وطعم السهر


انا كنت ماشي في سكة حزن وطريق
حذرني منها من زمان كام صديق
من طول ما الفرح كان معايا لزم
قلت اجرن لاقيته ولعة وحريق

لا الحزين فرحان ولا حتى السعيد
دا كل يوم تعبان وبعده يجي جديد
فرحان وحزين انا جربتهم
لاتنين مالاقيتش فيهم نفسي اكيد

شئ غريب في البشر او في الحياة
يفرح يلاقي المطر جى من سماه
ينط فوق الحجر ولو حزين تلقاه
يعشق ليالي السهر ولو تكون قاتلاه


حزين انا للحياة وفرحان لها
ماهى حبيبتي الحياة وعشتقها
ولما تعشق تدوق
وتعرف حلو الحياة من مرها

زارني الحزن ف مرة بكاني
سبته ورحت الفرح بكاني
بين الحزن والفرح قلبي
ضعيف الدمع جابني ووداني

المعلم في حفلة


المعلم في حفلة

في بلاد العم سام
مع ولاد اللئام
والمعلم مريح
و كل شئ تمام

قدموا له الشراب
مع شوية هباب
وكم مزة حلوة
وحلتين كبــاب

تقوم العمة واقعة
ويمــيل الدمــاغ
وتبقى يالهــوي وقعـــة
ويدولوا ع الصداغ

ويجيبوا له العقود
محطوطة فوق نهود
ويوقع المنيل
ويعطي لهم عهود

في مرة العقد غاز
وف مرة يكون كويز
ما عرفوا يعملوها
معانا الانجليز

يجيله يحط عليه
ببلوة وتبتليه
معلم بس خايب
وبيضحكوا عليه

شوية امريكان
ومعاهم اليهود
في الحفلة وهو هايم
يفتح كل الحدود

المعلم شحاتوا
معاه عيلته ومراتو
فاكرين حارتنا عزبة
سابهالهم اللى ماتوا

وورثوا المصريين
فوق الارض والطين
يبيعوا شوية فيهم
ويعذبوا الباقيين

وفي الحفلة المزاج
بيكون عالى وتمام
وبعيد الانزعاج
عن ضمير اللئام

يقعد يشرب فى نيلة
بيحسبها جميلة
وينسى انه حاكم
لحارتنا الأصيلة

يأنتكوا الفتــوة
ويجهزوا المخطط
ف الحفلة يعيش و يهيص
يمضى واحنا نطنطط

ياعم انت يافتوة
يابايعنا في يوم الحفلة
ياناهب حارتي بالقوة
وعامل فى الحارة قفلة

والواد ابنك يتمايل
حاشر بوزه في الليلة
على بوش عمال يتحايل
يهديله مصر قتيلة

واخوك احتل الشرم
وابنك كل الشركات
والست الحاجة مدامك
عملت ليها عصابات






عيب على شنبك يامعلم
حلقوه الامريكان
وعلينا احنا بتتكلم
على شعب اصيل غلبان

زعلانة البنت بهانة
من عمايلك يامعلم
وبتمضغ في اللبانة
عمالة عليك تتكلم

والناس كلها فى الحارة
عمالة تقول الحفلة
هاص فيها الفتوة
باعنا لولاد السافلة

المعلم شحاتة


المعلم شحاتة



المعلم شحاتة
يمين بالتلاتة
فتوة حارتنا من ربع قرن
مكتف ايدينا
وكاتم علينا
ومطلع في راسنا كم الف قرن

المعلم شحاتة
فظيع في الغتاتة
منفض جيوبنا قال ايه ضرايب
مروق قفانا
ومغيم سمانا
ومطلع عنينا ويقولي حبايب

المعلم شحاتة
عاملها شحاتة
بيطلب فلوس عمال م الامم
عيالي فقيرة
ديوني كتيرة
علينا بس يعمل الواد البرم

المعلم شحاتة
شديد في التباتة
ودمه بيلطش كتير م البشر
ما بيهمه ناس
ولا فيه حماس
يشيل من حارتنا كل الحفر

المعلم شحاتة
طلاق بالتلاتة
ماصص دم اهله ومنكد عليهم
وواخد فلوسهم
وحابس نفوسهم
ومدغدغ رؤوسهم وشالل ايديهم

المعلم شحاتة
واحد اتنين تلاتة
تاعب اهل حارته الفتوة الغلس
مضيع العمة
ولا عنده ذمة
واكل حق شعبه وفيه منغمس

المعلم شحاتة
بيحب الشماتة
وفاتح سجونه فنون م العذاب
يوضبنا فيها
ولو رحنا ليها
ندوق من عياله شوي الكباب

المعلم شحاتة
نايم وف سباته
ليل نهار يقول: انتــــوا ف نعيم
تاكلوا وتنسوا
بعدين بس تقسوا
وزي القطط كلام مش سليم

المعلم شحاته
بتاع شوكولاتة
ويفكرها منحة من اسرائيل
يبيعنا عشانها
ويشكل لجانها
ويبيع لعيونها كل شئ جميل

المعلم شحاته
ميت باستماتة
على الكرسي منه خايف يضيع
لازق فيه كمان
كأنه لبـــــــان
ولو راح يروح بعديه راح يصيع

المعلم شحاتة
خيال المأتة
بياكل في كرشة واحنا جوعانين
وامريكا خلفه
بتنفخ في خلفه
وتجهز لحكمه مئات السنين

المعلم شحاتوا
ما يهمه اللى فاتو
ولا اللى راح يشوفه وقت الحساب
مكبر دماغه
مورم صداغه
ومنيم ضميره في مقلب هباب

المعلم شحاتو
شربنا مغاتو
لما ولدت حرمه المصون الكريم
وهلت علينا
بشاير بطينة
لما شب ابنه الحرامي اللئيم

المعلم شحاتة
يمشي تاتا تاتا
وواخد حارتنا تجاه الخراب
ومعاه شلة فاسدة
لئيمة وحاسدة
وجايبة لحارتنا كثير اكتئاب

المعلم شحاتو
يقول بس هاتوا
ومايهمه ابدا ندعي عليه
ما يصيبه هم
ولا يجيله غم
لو كنا بندعي لله يبتليه

المعلم شحاتو
كبير وف مماتو
ما راح يلاقي دعاء ينفعه
هيجيله ملاك
ف وقت الهلاك
يقبض فيها روحه يشيله ويرقعه

سلام عليك

سلام عليك



بيمشي زى اللى مشيوا زمان
يقرر يهاجر يلاقي الامــان
بيشتاق يجاهد عشان امته
ويشتاق يروح وينسى اللى كان

نفس الطريق اللى كنت بشوف
ابطالك يا مصر مشيوا فيه كتير
عاشوا عشانك من غير أي خوف
عشانك يحاربوا بحب وضمير

ويقرر يهاجر، ويقرر يروح
وينسى اللى كان وينسى الجروح
ويمشى بعيد ويمشى ولكن
نفسه يضمد فينا الجروح

بيمشي بعيد وقلبه حزين
عيونه علينا على التعبانين
بيمشي ونسمع منه الانين
وتبكي عيونه على المحتاجين

مسيري تغيب وفي القلب باقي
رمز وشعار للمستضعفين
مسيري نحبك رغم الالام
ورغم الرحيل والقلب الحزين

ونرفع ايدينا نسلم عليك
نشاور ونهتف سلام للحبيب
وفي القب نبضك بيهفو اليك
وفي القلب حبك نلاقيه قريب

وترحل معاك كثير ذكريات
تشاور علينا الشعب الكسير
وتغسل عنينا دموع مبكيات
تلملم جراح البــلد الأسير

وتمشى الطريق ممنوش رجوع
وتمشي الطريق قدامك طويل
زى ما تمشي وسط الجموع
وتهتف لمصر تعيش! يا اصيل

وتنزل دموعى بكاءا عليك
على الامنيات اللى عشقتها
تمنيت وجودك وناديت عليك
تعالى نحقق ولو بعضها

لكنك بترحل تسيبنا وتمشى
تعبت ياغالي طويل الطريق
حاربت العدو وحاربت الحكومة
وفي الحرب ابدا ما يبقى صديق

عشان مصر كنت شجاع الميدان
حاولت ترجع لينا المكانة
وفي العلم انت حلاوة زمان
وشلت في ايدك كل الامانة

ودلوقتي انت فى طريقك لوحدك
واحنا ف طريقنا ماشيين مهزومين
ناقصنا فارسنا ومين بس قدك
يشيل عنا حمل في دنيا ودين

اليوم بس نزلت راية الفقير
هنتعب نلاقي فرسان الميدان
زماني تغير وفيه ناس كتير
وقل الرجال وقل الامان

كتير اللى خانوا
كتير اللى باسوا ايادى الصغار
وهنا وهانوا
وهانت عليهم كرامة الكبار
قليل اللى صانوا
كرامة بلادهم من الانهيار
وفي الحب كانوا
رجال في عزيمة وصبر وفخار

مسيري حبيبنا راح فين وسبنا
ما احنا تعبنا بعد الرحيل
شوقنا غلبنا وبعده اتغلبنا
واليأس جبنا وراح الدليل

وتنزل دموعنا وتنزل رايتنا
حاجات بس تنزل ما بتترفعش
ونستنى فارس يعرف غايتنا
يحققها لينا و ما بينحرفش

وبعدك نلاقى كم بس فارس
واقف ينادي شجاع كالهرم
هلموا تعالوا الله لينا حارس
تعالوا نكون فوق فى القمم

ونسكت نسيبهم بعدين نعيبهم
ولما يموتوا نقول محتاجين
ويتعب سكوتنا قلوب الحيارى
ونخذل بموتنا كثير تعبانين

مسيري ياراجل وكم الف راجل
ترجل وساب الميدان الكبير
ياعالم مناضل وفيه قلب فاضل
بيبني بعلمه وقلمه الكتير

هزمت بسيفك لوحدك عوالم
ميقدرش يحركها حتى القمم
كسرت بسيفك ولاد اسرائيل
رميت على الظالمين كتير م الحمم

مشيت بس حابب تفضل ما بينا
تحامي علينا ظلم الطغاة
لكن بس سايب شرارة في دينا
تحوش بس عنا بعض الغلاة

تعبت ياسيدنا منا علينا
تعبت وفينا الضعف الجميل
جميلك الينا راح جه علينا
رغم ما فينا شعب اصيل

سلام منا ليك، سلام عليك
وفي البعد نبكي شجاعة امم
بعد الرحيل فارقنا عنيك
وفي الموت بنفقد فيك القمم

الطــراطير


الطــراطير


كات مصر عايشة بخير
قبل اللى صار ما يصير
دخل اللئام أرضنا
وحكِّموا الطراطير
هتك الغزاة عرضنا
وأنتكوا الفرافير
عملوا وزرة للحمارة
ووزارة تابعة للسفارة
وزارة تحط للبلد مناكير
كات خطة لئام العم سام
يبنوها بلاعة للصراصير
ضاعت بلادنا وشعبنا جننوه
سرقوا املنا
وخيرنا ضيعوه
مسحوا تاريخنا
وابننا جوعوه

يامصر ليه ضاع الطريق والدرب
وابنك مالوش غير الالام والضرب
والجوع سادد طريق الناس
ايه عمل فيكي الطغاة والغرب

امشي الاقي على وشكم اكتئاب
والفقر فيكم والمرض غلاب
ضاع الفرح وراح اهل بلدي
ومعدتش فيهم غير الم وعذاب

طرطور كبير ع البلد بيطرطر
بالجزمة ياخد فوق دماغة يكركر
لكن احنا لو بالادب هنكمله
تورم صداغه وعلينا راح يتأمر

طراطير كتيرة عايشة من حواليه
تمسح في جزمة ابن الايه
تسجن تجوع تطيع ف امر البيه
وخوفهم في القلب من عضته
اكبر من للى كل شئ ف ايديه

طراطير بلادي ليها اكبر قيمة
مبيساووش مشخصاتي في سيما
لكن بلادي لسة فيها العجب
لئيم حاكمها وبرضو وياه لئيمة

انا كنت حاطط ايديا في جيبي
بهمس واغازل واشتكي لحبيبي
وكنت فاكر ان نار الشوق
كل المنتهى والعذاب ولهيبي
طرطور قابلنا من بتوع الامن
لقانا احنا كالعسل ع السمن
عرفني من بعدها صنوف النار
معلقة منها مررت تعذيبي

وشعب كان ماشي جنب الحيط
حاصروه وعاش على 3 قراريط
كتموه وقلتوه كلمته وحضارته
هدموه ودمروا مصنعه والغيط

طراطير وعايشة فيها بطول والعرض
مرمطوا بكرامة شعب مصر الارض
الاكادة انهم بايديهم
اهدوا بلادهم للعدا والعرض

طراطير
حكموا البلد وبيلبسوا الطراطير
طراطير
صبر الولد والصبر أخره خطير
طراطير
نزعق عليكي ياثورة بالزمامير
طراطير
لما يحين الوقت البغل راح هيطير





مطالب حركة 6 أبريل بين الأمل والألم


مطالب حركة 6 أبريل بين الأمل والألم

بقلم سلامة جاهين

انعقد مؤتمر حركة 6 أبريل يوم 28 يونيو 2008 في نقابة الصحفيين، وقد جاءت توصيات المؤتمر كما يلي:بعد اقتراحات ومناقشات عديدة من جانب العديد من علماء مصر ومثقفيها وشبابهاتم التوصل إلى التوصية والمطالبة بالنقاط الآتية :أولا : منع الممارسات الاحتكارية
ثانيا : تحقيق الاكتفاء الذاتيثالثا : ربط الأجور بالأسعار
رابعا : منع تصدير الغاز لإسرائيل نهائيا وطلب كشف بأسعار باقي السلع المصدرة للخارج ومدى مطابقتها للأسعار العالمية .

كان متوقعا كالعادة حدوث المضايقات الأمنية، لكنه سمح لهم في النهاية بعقد مؤتمرهم الأول في حضور عدد من المثقفين والشعراء.

ورغم ما تعانيه حركة 6 أبريل من مشاكل داخلية وضغوط خارجية فان هؤلاء الشباب مازالوا يصرون على استكمال الطريق ومواصلة المشوار رغم كل ما فيه من عقبات والآم مبرحة تؤرقهم بل وتوجعهم أيضا، فهمومهم باتت أكبر من المحتمل، فهم يتلقون تعليما يعلمون انه لن يفيدهم في حياتهم العملية، ويواجهون البطالة كما يواجه احدنا الموت فيفتحون له صدورهم في شجاعة وخوف أيضا، ويعانون من التهميش وسوء المعاملة، وعدم الاهتمام بآمالهم وأحلامهم حتى ولو القليل منها، ورغم أن الشباب في كل مكان يحمل معه المسئولية والأمل والنهضة في البلاد الأخرى، نجد أن شبابنا يقعون تحت وصاية الدولة ويعاملون كأطفال صغار، فليس مسموحا لهم الكلام، ولا العمل ولا إثبات الذات ولا تحمل المسئولية، قديما كان المسئولون يطلقون فرقعات في الهواء حول دور الشباب في نهضة الأمة ومستقبلها كلما لزم الأمر، كنا نعلم أنها غير حقيقية وهم أيضا يعلمون، أما اليوم فقد خلت حتى تصريحاتهم من تلك الفرقعات، أصبح إهمال الشباب هو السياسة العادية المتبعة بالنسبة للدولة رغم أنهم هم الطاقة والوقود للحركة والنهضة، لكنهم لا يريدون للنهضة أن تحدث ولا للطاقة أن تتحرك، بل اخمادها هو ما يريدون.

ورغم عدم اكتمال التجربة بالنسبة لشباب 6 بريل فهم مازالوا بعد يحاولون ويتعلمون الا نهم مصممون على استكمال المسيرة، فقد غيروا إستراتيجيتهم وخرجوا إلى النور بدل العمل من وراء الشاشات والدعوة إلى المظاهرات من خلال الانترنت، وتعتبر هذه خطوة مفصلية في عمل الحركة، تركهم من تركهم عندما اتخذوا هذا القرار، لكنهم فعلوها، شجع بعضهم البعض، تغلبوا على مخاوفهم وخرجوا للملأ يخاطبون الرأي العام ويعلنون أنهم لن يسكتوا، وان لهم مطالب في بلادهم لا بد لهم من الحصول عليها، حتى وان كانت في الحد الأدنى الذي من الممكن أن تقبله السلطة.

كان المؤتمر من وجهة نظري صرخة تعبير عن الرفض، وعن الألم والأمل أيضا، هم يعرفون أن شيئا من مطالبهم لن يستجاب له، فالنظام يصمم على المضي في طريق إهدار إمكانيات الدولة وإذلال المواطن والتعاون مع إسرائيل بكل أشكال الخيانة الممكنة حفاظا على مصالحه الشخصية، هم يعرفون هذا ويقولونه في حواراتهم ويعرفون أن مطالبة الظالم بالحق لن تجدي، لكنها صرخة في وجه الظالم يصرون على أن يصرخوها، على أن يرفعوا أصواتهم، واختاروا نقابة الصحفيين لأنهم يريدون أن تصل تلك الصرخة للناس، لكل مصر فربما توقظهم تلك الصرخات.

وفي سبيل تلك المطالب قاموا بتقديم الحلول الممكنة المتبناة من وجهة نظرهم لعلماء أجلاء قاموا بتقديم تلك الحلول، هم لديهم الأمل في أن يحدث شئ، فإما أن يتبنى النظام بعضا من مطالبهم ولو القليل منها وإما أن تكون لصرخاتهم صدى فى مصر فيستيقظ الناس، او جزء منهم.

هذا المؤتمر بعد الدعوة للمظاهرات التي قدمها هؤلاء الشباب ولاقت صدى واسعا في مصر، لكنهم غيروا استراتيجيتهم ونزلوا واقعيا للأرض في خطوة أكثر شجاعة وخطورة أيضا ليقدموا رؤية قد تتلاقى مع رؤى أخرى للمعارضة فتكون نقطة قوة ضد الظلم الفادح الذي يلاقيه هذا الشباب المطحون بشكل لم يحدث فالجبال قد لا تحتمل ما رماه النظام على ظهورهم، إنها صرخة فى محيط معارضة أكبر لهذا النظام تحمل في طياتها الأمل في التغيير والألم مما يحدث.

المعوقين و الحكومة المعوقة


المعوقين و الحكومة المعوقة






إذا كنا في أتم صحة وعافية فنحن نحمد الله، لكننا نعاني اشد المعاناة من الغلاء والبطالة والأمراض وسوء الأخلاق والوضع المتدهور الذي تعانيه بلادنا كما نعانى من التعامل مع حكومتنا المعوقة، فما بالنا إخواننا ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين لا يحتاجون فقط إلى ما نحتاج إليه، بل أيضا إلى ما هو أكثر، أن تلفت لهم الحكومة المعوقة فتمنحهم ثقب ابرة يتنفسون منه، في ظل هذه المرارة التي نعيشها كيف يعيشون؟ الكثيرون أخذتهم الحياة وشغلتهم عن تلك القضية الكبرى ففيهم من الهم ما يكفيهم.

الكثيرون من ذوى الاحتياجات الخاصة يئنون ولا احد يسمعهم، يتألمون ولا احساس لدينا، يصرخون ولكن آذاننا صمت، بعض من تلك الحالات لا يمكنك ان كان لديك قلب الا ان تبكي وتشعر بألم الضمير من عدم تقديم الرعاية او المساعدة لهم، فما بال الحكومة لا يوجعها ضميرها، ام ان السلطات المصرية وعلى رأسهم فتوة الحارة لا ضمير لهم بعد كل الجرائم التي ارتكبوها، الا يشعر هؤلاء بأنهم سيقابلون الله يوما ما فيحاسبهم، او يستيقظ الشعب فيسحقهم! شيئا ما في ضمائر هؤلاء غير طبيعي الانسان اذا كان طبيعيا لا يمكنه الصمود امام ما نرى ونشعر به تجاههم. الكثير من اخواننا ضيعتهم الحكومة وسحقتهم وبدلت امنهم خوفا وطعامهم جوعا ورعايتهم رعبا ووقسوة وامالهم وطموحاتهم البشرية رمادا، أين يذهب اليتيم الفقير المعوق؟ وكيف للمعوقين في ظل تلك الظروف الساحقة لاغلب الشعب ان يجد وظيفة ويؤسس مسكنا ويعيش؟ اشعر بوجع في قلبي وانا اكتب هذا واتخيله، فاين الحكومة؟ ام انهم تفرغوا للسرقة والتعذيب والحفاظ على الكراسي؟ّ! شئ ما فى ضمائر هؤلاء الظلمة غير طبيعي فلا اشعر ببشريتهم، ولا بكونهم مصريين ايضا.

قرأت مدونة لاحدهم فتألمت، السيد رامز عباس، يحاول توصيل صوته وصوتهم لحكومتنا المعوقة، أنقل هنا نصوصا من مدونته فقد يمكن ان يتسرب اليك بعضا من الألم والى وضمائر البعدا في الحكومة هداهم الله او أخذهم وخلصنا منهم:

عندما تكن معاق- فأنك ترفس بكلتا قدميك
يعتقد البعض ان مؤسسات الدولة تقدم ماعليها ولكنني اشك بمثل هذة الاعتقادات الاقوال التي لا تقال الا لمزيد من الدعايه لمؤسسات عقيمة الفكر والرؤية الابتكارية لانتشالنا من واقعنا الاليم للغاية ان الدولة منشغلة بمشاهدة عدد ضخم من الاغلبيه الساحقة من الجمعيات الاهلية والمنظمات الغير حكومية التي فقدت بعض ادوارها بسبب التناحر فيما بينها قد اتعرض للاعتقال او الاعتداء جراء موقفي هذا اتمني الا يثنيكم

كوارث اهتمام الحكومات بالقوانين كديكور
يالله ... انها لكارثه ان نبتلي بتلك الاتفاقيات الغبية التي لن يصيبنا من وراءها طائل فلقد مر العام السابق والدول العربيه في سباق محموم للفوز باستضافة مؤتمرات منظمه الاحتواء الشامل واللجنة التنفيذية المسئولة عن وضع اتفاقيات تعزيز حقوق المعاقين لقد اندهشت حقا !!!!
فماذا ممكن ان يستفيد معاق؟ وهو اولا: جزء اصيل من مجتمع يدعي الرقي والاهتمام بحقوق الانسان ثانيا :واقع مفروض لا يمكن تجاهله الا من محبي الاستراتجيات الغبائيه التي لن تعود بالنفع سوى لمبتدعيها فقط لا غير
انني ادعوكم من هاكم المنبر الجديد لمتحدى الاعاقه
الي مزيد من المناشدة المدروسه لمحاوله تطبيق القوانيين التي تزيد من مساحه حريتنا وحقوقنا

هى فضيحة جديدة لحكومتنا المعوقة من المعوقين، استطاعوا تسجيلها على الأنترنت لتضاف إلى السجل الكئيب الأسود لانجازات الحكومة المزعومة بزعامة فتوة الحارة، انقذ الله بلادنا من تلك العصابة السيئة.

المشكلة الحقيقية هى أن المعاقين يبلغ تعدادهم ما بين 11 الى 15 مليون وهو رقم كبير ولا أدرى كيف يتسنى لحكومة ان تهمل مثل هذا العدد الكبير من المعوقين! انه اهدار لكرامة الانسان عندما يحتاج، واهدار لقدرات الدولة ودورها الواجب عليها القيام به واهدار لطاقات عدد كبير من سكان مصر يجب الاستفادة منهم.

وفي الحياة السياسية فانهم مهمشون، لا حقوق لهم ولا مجال ليتحركوا فيه، ومع الأمن فان الامن هو الامن صاحب الرائحة العفنة والمكانة المميزة فى كل مكان فى العالم يذكر فيها الامن المصري، فقد حاول بعض المعوقين الادلاء بصوتهم فى احد الانتخابات و اشتكى بعضهم من أنه لا توجد أي إمكانيات لمساعدة المعاقين على الإدلاء بأصواتهم، وأخذوا على القوى السياسية تجاهلها للمعاقين على عكس مرشحي جماعة الإخوان المسلمين "الذين نجحوا تماما في حشد السيدات والمعاقين"، حسبما قالوا.
وقال أحدهم: إن أحد ضباط الشرطة مزق ملصقا للمعاقين عبارة عن رسم كاريكاتوري لشخص يجلس على كرسي متحرك يحاول الوصول إلى الصندوق فيجد أمامه سلما مرتفعا ومكتوبا على الملصق "وأنا أيضا من حقي أن أشارك".

أتعجب عن تلك القلوب التي يحملها المسئولون في صدروهم تجاه مسئولياتهم امام الله عن هؤلاء الناس، فنحن نئن ونشتكي مر الشكوى من الحياة وقسوتها ومرارتها، فكيف يعيش هؤلاء؟ وكيف يتم اهمالهم بتلك الطريقة، فلا رعاية، ولا تأهيل لكي يحيون حياة طبيعية وسط المجتمع وللحصول على وظائف، واذا تأهلوا فلا وظائف ولا سكن ولا ، ولا، ولا، ولاحول ولا قوة الا بالله، {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } (74) سورة البقرة
لكنني أعرف الإجابة عن علامات الاستفهام التي أثرتها في هذا المقال من وجهة نظر الحكومة والمعلم الفتوة، فهم لا يتعاملون مع بضعة ملايين فقط من المعوقين، لكنهم يعتقدون أن الشعب بأكمله منهم وهم بهذا يحققون مبدأ المساواة في الظلم. قلبي عليكي يامصر. أنقذنا الله من تلك العصابة وانقذ مصر منها. ولكم الله ايها المعوقون فقد تخلينا كلنا عنكم وليسامحنا الله فقد شغلتنا الحكومة وعلى رأسهم فتوة الحارة بلقمة العيش والاضطهاد عن مد يد العون لكم.

حركة 6 أبريل، نسمة في رياح التغيير


حركة 6 أبريل، نسمة في رياح التغيير

استيقظ النظام المصري وأجهزة الأمن ومصر كلها في يوم 6 أبريل الماضي على ما كان يتحدث عنه الناس من قبل هذا التاريخ بشهرين من القيام بحركة احتجاجية تشمل مصر كلها، وهو مالم يكن متوقعا من قبل أجهزة الأمن ولا النظام، وما اعتقده فإنهم لم يصدقوا أن المصريين قد يفعلونها ويتمردون، فالشعب في سبات منذ ما يزيد عن ربع قرن.

لكنه حدث، وكانت أحداث المحلة من تبعاته، بدأ النظام والأجهزة الأمنية فى تلمس الطريق نحو الفاعلين، والداعين، وكل قائد له صلة بالموضوع، ونظرا لان كل القادة في كافة المجالات وكل الناشطين منذ 27 عاما ملاحقين ومضطهدين ومحاصرين بالفساد والامن فقد كان من الصعب الحصول على القائد، ويعتبر هذا تطورا جديدا على الساحة المصرية

اذ ساهمت عدة عوامل في إفراز تلك الحركة الجديدة بمفاهيم جديدة وأساليب عمل مختلفة لم تعهدها الساحة المصرية من قبل، فقد ساعدت تكنولوجيا الاتصال على الانترنت في إمكانية تكوين جماعات يمكنها مناقشة كل ما يريدون بحرية اكبر بعيدا عن اية رقابة ممكنة، ورغم كل محاولات الأمن في القبض على المدونين وملاحقتهم وإغلاق المدونات لكنهم لم ينجحوا حتى الان، شكل موقع الفيس بوك هو الآخر في طريقة عمله المبتكرة ضربة جديدة للنظام الحديدي الذي يصر على كتم كل رأي حر مهما كان مصدره او مطلبه، كان ما حدث يوم 6 ابريل قد تشكل ونما واختمر على الفيس بوك بينما الأمن ينظر ويشاهد ولا يستطيع فعل الكثير

وبدأت من بعدها كما بدأ غيري في البحث عن تلك المجموعة التي أيقظت مصر، دخلت المجموعة بعد قليل من البحث عنهم ووجدت عالما آخر غير عالمنا، عالم من الشباب الصغير المتحمس المتوهجة مشاعره المتيقظ ضميره وبحب وانتماء لم أعهده منذ زمن طويل لهذا الوطن المتوغل في دماؤنا يتلمس طريقا نحو الخلاص من الظلم والغلاء والفساد والبطالة، يتحدثون بحرية كما يحلو لهم، ويناقشون أفكارهم دون رقيب عليهم سوى من ضمائرهم

لكن عالما آخر فى المقابل بعد تلك الهزة التي أحدثها للنظام بدأ في الدخول على الخط معهم لمضايقتهم، وتشتيتهم، والقبض على من يستطيع منهم، وشكل القبض على صاحبة فكرة الإضراب والمجموعة إحراجا للأمن والنظام نظرا لعدم دعوة هؤلاء الشباب للعنف، ولا دعوتهم للتخريب، ولا هم طامعون ايضا في الحكم او المناصب او المال، كانت مشكلتهم فقط أنهم أرادوا إضرابا سلميا، وهو ما لا يمنعه القانون ولكن يحرمه الأمن، ان يتنفسوا نفسا واحدا من الحرية وان يقولوا رأيهم ويعبروا عن أنفسهم، سقط بعض الشباب في قبضة الأمن، البعض ممن عرفنا أخبارهم خرجوا، والبعض تم التعدي عليه من امن الدولة بالضرب والبعض قد لا يمكن التعرف على أخباره نظرا لعدم معرفة أعضاء المجوعة لبعضهم البعض، لكن قليلا ممن دخلوا السجن خرجوا فكتبوا عن تجربتهم.

هؤلاء الشباب ليسوا حزبا، ولا طموح لهم في الوصول للحكم، وليسوا أعداءا لأحد سوى من تعدى على حياتهم ومستقبلهم بالفعل فأفسدها، فهم لا يريدون سوى الخلاص والحرية والعدل الاجتماعي أو بعضا منه ، وحول هذا تدور دعواتهم بكل حرية وجرأة نظرا لأنهم خلف شاشات الكمبيوتر في أمان، سلاحهم الكلمة وقوتهم في تجمعهم أمام الأمن وبعيدا عن قبضته، والواقع تمنيت أن أقرأ عنهم فلم يكتب عنهم احد، فقررت الدخول إليهم للتقرب إلى عالمهم ومعرفة ما يحدث وتقديمه للرأي العام

التجربة معهم مثيرة بسلبياتها وايجابيتها، فأبرز ايجابيات تلك المجموعة هى حماسهم الشديد في الوصول بمصر إلى نظام حكم يعطي لهم حقوقهم، ويعيد للمسحوقين في مصر بعضا من آدميتهم، فتجدهم ينزلون للشارع في الأماكن المعدمة الفقيرة للتحدث مع الفقراء ومحاولة مساعدتهم، وتجدهم تارة أخرى يحضرون جلسات المحاكم لدعم الفلاحين او المظلومين او المعبرين عن قضاياهم، وهم في كل هذا لا يبحثون عن مجد شخصي، ولا ربح لمجموعتهم، ولا نصرا على احد، فهم لا يطمحون لشئ سوى بعض من العدل والقليل من الحق لهم ولغيرهم، وتارة أخرى تجدهم يعلنون وقفتهم بقوة ضد ما يمس مصر، فيدعمون الوقوف ضد بيع الغاز المصري لإسرائيل، وضد توريث الحكم، وضد الفساد المستشري في كل مكان، شباب ذو رأي حر، يتلمس الطريق للخلاص، فقد ألقى النظام بتلال من الفساد والظلم على أكتافهم وألقت الأجيال السابقة عليهم بأطنان من السلبية والقبول بالظلم فوجدوا أنفسهم محاصرين لا يستطيعون التنفس وكان خيارهم، المقاومة التي اختاروا لها أن تكون سلمية، ومن الايجابيات المميزة فيهم وجود بعض من الجنس اللطيف وقد ملكوا من الشجاعة ما يخجلنا نحن الرجال، من الايجابيات أيضا أن أمرهم شورى بينهم فهم يطرحون الخطوات للحصول على اكبر عدد من الأصوات. ومن الايجابيات الواضحة الترابط الذي يحدث من فترة بينهم من خلال شكوى البعض لضيق الحياة ومشاكلها فيكتبون عن تجاربهم ويواسون ويخففون عنه قليلا فيشعرون بان أحدا في هذا العالم ما زال يحبه حتى ولو لم يعرفه شخصيا.

أما عن أبرز سلبياتهم فبعضها لا يد لهم فيها، واهما الخبرة في ممارسة العمل السياسي، فهم مثلا رغم الملاحقات الأمنية ينشرون بيانات بعضهم مكشوفة للجميع، وقد تجد أن الحماس الزائد لدى البعض الآخر منهم يؤدي بهم سريعا إلى الإحباط فلا صبر لديهم على الانتظار، احدهم قال لا أمل لي في الحياة ألان إلا أن تحقق مجموعتنا شيئا في التغيير فكل الطرق الأخرى مسدودة بالنسبة لي كي استطيع أن أعيش كريما، وهذا ما يعطي مؤشرا إلى حجم الأمل في أعماقهم في إمكانية أن يفعلوا شيئا من اجل التغيير، ومع مرور الوقت وعدم حدوث التغيير قد يؤدي بهم إلى انتكاسة قد نشفق عيهم منها، وهذا ما حدث للبعض منهم، ومن السلبيات أيضا أن إدارة المجموعة لا خبرة سياسية لديها، ولا أهداف واضحة بعد الإضراب الثاني الذي لم يحقق نجاح الإضراب الأول، وقد وقفوا بعدها يتساءلون: أين نحن ذاهبون الآن، وجدوا أنفسهم أمام فراغ كبير إذا كانوا يأملون أن مواصلة الإضرابات قد تحقق الغاية، وظلوا فترة بعدها يعانون من التخبط، لكنهم الآن يحاولون استعادة توازنهم رغم كونه توازنا منقوصا إذ انه بلا أهداف مرسومة وواضحة وأدوات غير محددة وتنظيم غير مترابط، وهم لا يلامون كثيرا في هذا فالتعليم له ثمن لابد أن يدفعوه

وأنت في هذا العالم قد تجد أطيافا أخرى خارج الخط السياسي يدخل إليهم، وينهي لهم محبته ويعلن عن استعداده لدعمهم بأي شكل من أشكال الدعم الممكن، يؤيدهم فيما يفعلونه ويتمنى لهم النجاح، لكن من المفارقات داخل دهاليز هذا العالم الجديد لشباب الزمن الحديث أن تدخل فتجد من يحاول تشتيت أفكارهم، وقد يتلقون الكثير من السب، او الدخول في مواضيع مثيرة للفتنة بين عنصري الشعب أو محاولة إغراقهم في محادثات وأهداف جانبية بعيدا عن السياسة، لكنهم مع الوقت يتعلمون

وفي هذا العالم الجديد ترى إشكالا من الطيف السياسي والاجتماعي يتشكل ويتكون ويلون صفحة الشباب الجديد الذي لم يستطع أن ينمو في بيئة سياسية سليمة نظرا لمضايقات النظام المصري على الأحزاب وخنقه لها من زمن طويل فخرجوا عن العادة والمألوف بعيدا عن أعين الأمن وشكلوا عالما خاصا بهم، شكل أول ظهور لهم مفاجأة لنا وللنظام، فهل سيظل وجودهم يحمل مفاجآت أخرى، ربما فهو نسمة في رياح التغيير التي قد تهب.

المدونون في مواجهة الحكومة


المدونون في مواجهة الحكومة


أتمنى أحيانا أن أجد عقولا تباع في سوق قطع الغيار لكي استبدل عقلي ، ربما افهم شيئا، فقد تعبت بالفعل في فهم ما تفعله الحكومة، ربما تستطيعون انتم ان كان لدى احدكم العقل الذي أبحث عنه أن يفهمني ما يحدث.

انتهى عصر الإعلام الموجه منذ وقت ليس بالقليل في عصر التكنولوجيا المتسارعة التي تدهمنا يوما بعد يوم، لكنه في بلادنا مازال يعمل، وبالرغم من إن أحدا لم يعد يشاهد القنوات الفضائية المصرية ولا التليفزيون المصري أيضا إلا أنهم مازالوا ينفقون ملايين الشعب الجائع للإنفاق على الإعلام الموجه الذي تخلف كثيرا عما يحدث في العالم من حولنا، ومازال الإعلام الذي يسير كالسلحفاة في عصر التكنولوجيا المتسارعة يخاطب الناس بعقول مائة عام مضت، فلا هو يستطيع التأثير ولا هو يوفر النفقات الهائلة التي تنفق عليه ومازال يعيش في كهوف العصور السحيقة

اخترقت الفضائيات عالم الاعلام فقضت قضاء مبرما على التليفزيونات المحلية وخاصة بعد انتشار الساتلايت وهبوط أسعاره وأصبحت في كل بيت تقريبا، ثم جاء دور الانترنت التي بدأت هادئة، وفي العالم كله هادئة وفعالة ومفيدة، أما في بلادنا فبدأت هادئة ثم صادمة للسلطات التي مازالت تصر على قمع الأصوات المعارضة والتي لا تسمح ألا بالقليل منها للتنفيس لكي لا يحدث الانفجار، أو هكذا يعتقدون هم، وتدرجت الأصوات على الانترنت حتى تطور الأمر الى المدونات التي أحدثت صداعا غير عادي للسلطات ومواقع أخرى هزت في أفكارها الحرة تلك السلطات المتخلفة التي لا تؤمن بان الرأي الاخر قد يحمل فكرا او خيرا لبلادنا، مثل موقعى الفيس بوك واليوتيوب.


أصبح المدونون بحق أعلام الإعلام في عصرنا الحالي، واستطاعوا أن يوصلوا كلمتهم للرأي العام واختراق كل عوالم الصمت التي تفرضها السلطات، وخاطبت الجمهور المصري في الداخل فنقلت له الحقيقة ووجهة النظر الأخرى، كما نقلت للعالم ما يحدث في الداخل وتتكتم عليه السلطات، احتاج الأمر من السلطات المصرية مجهودا إضافيا لمتابعة المدونين وملاحقتهم والقبض عليهم وتعذيب بعضهم، كما حاولوا ومازالوا غلق المدونات، هم لم ينجحوا ولا أظنهم يفعلوا فان الجديد دائما ما يكتسح القديم، هذه طبيعة الحياة واحد قوانينها التي بسببها قد تنهار الحكومة قريبا لمحاولة مقاومتها بدلا من استغلالها في المزيد من الإصلاح-إن كان في نيتها إصلاح- لكنها تنفق المزيد من الوقت والموارد من اجل تجنيد المزيد رجال الأمن لملاحقة المدونون والقضاء على أصواتهم، وبهذا يشارك هذا الفكر الحكومى الأمني الحديدي في إهدار المزيد من الموارد وبالتالي المزيد من الانهيار في الدولة وللمواطن والوطن بدل ان يكون هؤلاء المدونون نقطة وقود في محرك النهضة التي أوقفوها وهى دائرة.


من المدونين الذين أحدثوا صداعا فى رأس الحكومة كريم البحيري صاحب مدونة عمال مصر، والذي قبضت عليه السلطات، ورغم خروجه الا انه مازال فى مناوشات مع الأمن حتى الآن مصرا على ان يكون رأيه هو ما يقوله هو لا ما يريدون له ان يقوله، فقد رفض أن يسكت حتى بعد اعتقاله، وهو دليل على فشل الأمن في إسكات كل الناس،فقد أصبح الوضع في مصر من الصعب السكوت عليه، الشباب على المدونات يقولون لا شئ لدينا لنفقده، هكذا وصلت الأحوال وهكذا يفكرون ويصمدون، شئ ما قد تحرك في الجبل، بعضا من الجليد قد ذاب، ولا يمكن كما أرى انه سيقف، بل خرج كريم اقوى مما كان وأرسل رسالة إلى مبارك انقلها هنا من كلمة له على الفيس بوك

الرئيس لن نكون خارج نطاق الخدمة بعد اليوم وياليتك ترحل فى سلام
عفوا سيدى الرئيس لن نكون خارج الخدمة بعد اليوم بل سنتخذ قرارتنا بأنفسنا بنضالنا وانتزاعها من بين براثن حكومة رجال الاعمال التى ترأسهاسيدى الرئيس كفاك 27 سنة من حكم مصر تحت قانون غبى يسمى قانون الطوارىء كفاك زل للشعب المصرى فلن نقبل بعد اليوم ان نسير فى ذيل الحكومة بل سنصبح عمال وفلاحين وطلبة ومهنيين وشباب ونشطاء واميين اصحاب القرار ولن نقبل ان تستمر حكومتك فى اذلال هذا الشعبسيدى الرئيس ارحل فى سلام من كرسى الحكم قبل ان يأتى اليوم الذى يقوم فيه الشعب المصرى بتنحيتك من عليه بدون ارادتك وصدقنى سيكون يوم اظن انك لن تحب ما سيجرى فيه واعلم جيدا اننا لن نقبل بأن تورث الحكم لابنك فمصر لن تكون مملكة مرة اخرى فلن نقبل ان يحكمنا بعد اليوم حكم الفرد سيدى الرئيس ياليتك قبل ان تتنحى عن كرسيك ان تتخذ قرار واحد فقط يجعل الشعب المصرى يتذكرك بشىء وهو ان تصدر قرار رئاسى فورا بأطلاق صراح كل مسجونى الرأى فى مصر واولهم محمد مرعى ومسعد ابو فجر وممدوح المنير وكريم عامر والدكتور ايمن نور وان تصدر قرار بأطلاق صراح من حوكموا عسكريا من الاخوان وان لم تفعل اعلم اننا لن نصمت على حقوقنا وسننتزع حقوقنا بكل الطرق المشروعة سنظل نكتب ونهتف ضد الطوارىء وضد حكومة رجال الاعمال وشلة الحرامية من رجال الاعمال بالاضافة الى الكثير من الطرق التى ستراها تدريجياياليتك تعتبر كلامى نصيحة ولا اظن انه كما يقول البعض انك لا تعلم ما يحدث فى مصر بل انا متأكد انك تعرف الكبيرة والصغيرة ولكن ان لم تكن تعلم فعلا فهذه مصيبة اكبر من مصيبة معرفتك وصمتكسيدى الرئيس اعلم ان الشعب المصرى انتفض وعرف طريقة فلن نقبل تصدير الغاز لاسرائيل ولن نقبل ان يستمر اعتقال اصحاب الرأى ولن نقبل ان يحكم مصر مجموعة من رجال الاعمالسيدى الرئيس هذه رسالة من مواطن مصرى اعتقل فى سجونك الغابره وذاق مرارتها وعلم ان الحرية لن نحصل عليها الا بأنتزاعهاواخيرا الى شباب ونشطاء وعمال وفلاحيين ومهنيين وسياسيين مصر لنؤسس جبهة ائئتلاف وطنية من كل التيارات ونعمل فيما يتم الاتفاق عليه وكفانا صراع الافكار او صراع من سيصل اولا لكرسى الحكم لنقف يد واحدة ضد حكومة استباحت كل شىء وسرقت قوت شعبنا وحرمتنا من اقل متطلبات الحياةلنكن يد واحدة ضد احمد عز وغيره من من يتاجرون بمصالح وقوت شعبنا لنكن يد واحدة ضد قانون فرضه مجموعة من المنتفعين قانون غبى يسمى قانون الطوارىء لنقف ونطالب بحق تداول السلطة سلميا لنقف ونطالب بالافراج عن حرية الشعب المصري
هذا نموذج من المدونين الذين طالتهم يد الأمن، لا الأمن فلح في إسكاتهم ولا هم ركعوا، بل تحولت الى معركة خسرت السلطة فيها مصداقيتها أمام الرأي العام المصري والأجنبي وتشوهت سمعتها بإعلام جديد قوي نشط لا تستطيع مواجهته إعلاميا بإعلام قديم مهترئ متهالك ينفق الملايين عليه بلا طائل فحولت الملف إلى الأمن لتشتعل القصية وتخسر فيها السلطات ماء وجهها مرة أخرى بعد ان خسرت الكثير من قبل باكتشاف الخيانة في قطع شريان الحياة وإمداد إسرائيل به بتصدير الغاز اليها بأقل من سعر التكلفة، وفي كثير من القضايا الأخرى أيضا.


وهكذا تلعب المدونات اليوم دورا كبيرا فى الإعلام والتوعية ونقل الأفكار خاصة وان الجيل الجديد من الشباب أصبح محبا لهذا العالم منجذبا إليه فقد جذب هذا العالم الشرائح العمرية التي تمثل اغلبية في الشعب نظرا لملائمتها لظروف حياتهم في العصر الحديث، في هذا الاعلام الجديد تنتقل الأفكار فيه بحرية، وجرأة وشجاعة، كما تنتقل معها الأخبار شرقا وغربا، وبدلا من أن تكون وسيلة دفع لحركة الحياة في مصر اختارت الحكومة ان تتصادم معها لإسكاتها، فلا هي تسكت ولا الحكومة تريح نفسها، ويظل المدونون يشكلون مشكلة أصبحت مؤرقة للحكومة وصعبة الحل، فان التكنولوجيا الجديدة رغم كل المعوقات تنتشر ويخسر أمامها من يحاول إعاقتها، فهل تكون الحكومة بهذا قد اختارت الطريق الخاسر؟ أعتقد هذا.

الشباب في مصر

الشباب في مصر


بدأت أعي الحياة وأنا أسمع تصريحات المسئولين عن الشباب بأنهم عماد الوطن، وطاقة المستقبل، والأجيال التى ستحكم في المستقبل، الكثير من العبارات الرائعة التي كانت تسعدني فيما سبق، والكثير الذي لا يعني شيئا للمسئولين شيئا أيضا، فقد تعودوا ان يطلقوها او يستعيدوا من الذاكرة بعض الشعارات الجاهزة كلما لزم الأمر. وفيما بعد عرفت انه لا المسئولين يعنون ما يقولون، ولا نحن أصبحنا نهتم بها.

فالوظائف كلها في بلادي للعواجيز، والفلوس لهم أيضا، والعمارات الفخمة والسيارات الجميلة الأنيقة من حقهم وحدهم، والشباب يجب أن يتحملوا حتى سن الخمسين لاكتساب الخبرة وشغل إحدى الوظائف حتى وان كانت تلك الوظائف هي خاصة بالنظافة وحمل الحقائب وتنظيف المراحيض. وان لم تكن ابن مسئول كبير فلا مكان ولا احترام لك في المجتمع، ولا وظيفة ايضا. فأحلامك يا ولد كوابيس نشطبها لك بجرة قلم، ولا تفسير للكوابيس عندنا، ومن يحلم عليه ان يدفع ثمن الحلم.

ومع تقدم السن، وازدياد الخبرات العملية عند سفري للخارج، لم أجد أحدا في الدول التي زرتها أو عشت فيها يقول تلك العبارات، كان عجيبا بالنسبة لي في البداية ان لا اجد تلك التصريحات، وظننت أن الشباب في تلك البلاد مطحون، وربما طالع عين ابوه ايضا!! لكنني لما سألت عرفت أن المسئولين في تلك البلاد يحاسبون على ما يفعلون ولا وقت لديهم اذن لأن يقولوا، فهم يفعلون ويطبقون السياسات الخاصة بالشباب دون أن يتحدثوا عنها كثيرا، توصلت للفرق تقريبا بينهم وبيننا، فالمسئولين في بلادنا يقولون ولا يفعلون، اما في بلادهم فانهم يفعلون دون أن يوجعوا أدمغة الناس بالكلام.

الشباب في بلادنا وضعهم الآن أصبح أكثر سوءا من تلك الأيام التي كنت موجودا فيها في مصر، مر ما يقرب من ربع قرن، فانا الآن أبحث حتى عن أقوال المسئولين عن الشباب فلا أجدها، ظننت في بداية الأمر أن الأمر قد يكون تعدى القول للفعل، لكنها كانت صدمة اخرى عندما ادخل لأوساط الشباب فأجدهم يتكلمون فلا يسمعهم أحد، يصرخون فلا ينتبه أحد، الغريب انهم يشكلون أغلبية في بلادنا، فلماذا يتم تجاهلهم والضغط عليهم، وتنكيد عيشتهم أيضا؟ لا أدري عن الإجابة شيئا، فقد يكون هذا من سياسات حكومتنا الرشيدة المتخبطة والتي تخطط لأن نصبح بأن نكون أفقر دولة في العالم في القريب العاجل أو أقرب من ذلك.

قضايا الشباب في مصر مرة المذاق، مؤلمة المشاعر، كثيرة الهم والغم، فهم في واد والمسئولين في واد آخر، هؤلاء يشربون المر، والمسئولين يشربون المعسل، والفرق بين المر والمعسل كبير، فقليل من المر ينغص الحياة، والقليل من المعسل يذيب المسئولين سعادة تخرجهم عن عالم مشاعر الشباب التي تؤلمهم وعن عيشتهم النكدة التي يحيون فيها، فالشاب يكافح ليتعلم، وبعد التخرج، هذا ان تخرج من التعليم ولم يتخرج من الدنيا كلها، يكتشف انه تخصص في دراسة كان من الأفضل الا يدرسها، والا يعاني من اجلها، لأنه لا وظيفة له، ولا حياة كريمة، ثم تتوالى الصدمات يجر بعضها بعضها، فيصعق ويشيب وهو مازال شابا، والفرق بين الشيب والشباب في الحروف قليل، بينهما الكثير من التشابه، قد يكون بسبب ما تجهزه لهم الدولة من صدمات تقلل الفرق بين الحروف، لكنه فرق كبير في الحياة، مشوار من الألم والتعب والعذاب أشفق على قلوب الشباب الضعيفة منه، فقلوبهم المليئة بالأمل تتحول إلى الألم، ومرة أخرى فان الفرق بين الأمل والألم قليل أيضا!!

فلا وظيفة بعد التخرج، ولا زواج، ولا حياة كريمة في ظل ما يعانيه الشاب من معاملة تسئ إلى مشاعره وتقلل من شخصيته في كل مكان وتشعره بأنه مازال صغيرا، وهو ما يؤدي بالفعل إلى دمار واسع المدى في هدر إمكانيات هائلة يتمتع بها هؤلاء الشباب.

أما في الخارج، فهم طاقات المجتمع، الشباب في العشرينات من العمر يعملون في كل الوظائف بالشركات والهيئات الحكومية والخاصة والجامعات وهيئات البحث، وجدتهم يحملون المسئولية في كل المواقع، ويكسبون كثيرا من المال والخبرات، يثرون بلادهم وهى تغنى بهم أيضا، لهم حرية كبيرة في العمل والإبداع والانطلاق والتغيير للأفضل، ويحملون معهم الكثير من التغييرات التي تغير وجه العالم وتجدد طاقاته، كنت معجبا بالفعل بما أرى في الخارج، وتمنيت أن يكون في بلادي مثل هذا الاهتمام بالشباب فيأخذون بيدها ليغيرون وجهها الكئيب الذي تعيشه.

أرجو من السادة المسئولين المهتمين بالبقاء في كراسيهم ان يرحموا تلك القلوب الضعيفة والزهور المتفتحة والطاقات الجبارة فيفتحوا لهم بابا من الأمل، قبل أن يأتي وقت يكون هؤلاء الشباب فيه هم وقود التغيير، لكنه سيأتي على كراسيهم تلك المرة فان ما يعانيه الشباب بات أصعب من أن تحتمله الجبال. وما يحملونه من طاقات قادرة على إحداث التغيير، وهو سيكون تغييرا كبيرا هذه المرة، أرى ان الظروف في مصر باتت مهيأة له، فالتاريخ يتحرك حتى وان توقف إلى حين.






الإسلام: اتهامات من مدانين


الإسلام: اتهامات من مدانين

منذ نشأة حركة الاستشراف ومهاجمة الإسلام وسيل الاتهامات له لم تتوقف، لكنها تطورت وتصاعدت، فقد بدأت باتهامات تقليدية ومنها أن الاسلام انتشر بالسيف ووصلت إلى حد اتهامه بالمغالاة، تلك المصطلحات الجديدة التي دخلت في قواميس اللغات الحية ملتصقة ومعرفة للدين الإسلامي.

ومن مظاهر الهجوم العنيف والذي أخذ صورته العسكرية بعد أن مهدت الأرض له، هو ما صاحب الهجوم من احتضان لكل دعوة ضد الإسلام أو هجوم عليه من قبل الكتاب والمفكرين من بني جلدتنا، مثل الدكتور أبو زيد الذي حكمت المحكمة في مصر بردته أو مثل سلمان رشدي الذي أهدر دمه, فقد وجد هؤلاء الملاذ في البلاد الغربية بدواعى حرية الرأي ووجدوا أيضا الدخل المادي المرتفع والوظائف والحماية ليفرغوا لمهمتهم!! ، البعض اتهم الغرب بالنفاق والغرب يدعي حمايته للحريات، لكنني أرى الأمر على وضع مختلف، فالغرب يفعل هذا ضمن منظومته المتكاملة للهجوم على الاسلام، وأزعم أن الأمر لا هو نفاق في التعامل مع الشرق كما يظن بعض مفكرينا ولا هو حماية للحريات.كما تدعي الدول الغربية.

أعجب ما في الأمر هو أن دعوى الغرب بعنف الاسلام والتي تطورت من دعوته بانتشار الاسلام بحد السيف لم تجد ردا يناسب روح العقيدة الاسلامية، بل كانت المسألة كما أرى هى مجرد الدفاع عن الاسلام وكأنه متهم! هى محاولات ومرافعات محامين ضد دين وضعه الغرب في قفص الاتهام وهاجموه بكل الوسائل الممكنة، بعض المفكرين قالوا أن معارك الاسلام أتت دفاعية وليست هجومية، بعض المؤرخين قالوا بأن المعارك في الاسلام بناها الرسول على قاعدة أن خير للوسيلة للدفاع هى الهجوم، لم أقتنع بكل الدفاعات المقدمة من مفكرينا، وأزعم أنها وسائل دفاعية عن متهم، استخدمت الادلة التاريخية والقرانية لتدلل على نظرية غير موجودة إلا في ذهن صاحبها ابتدعها للرد على الاسلام، لكن أحدا لم يبحث في نظرية الحرب في الإسلام ليقدمها ناصعة كما أتى بها الرسول، دون محاولة دفاع أو خجل!!

شعرت من خلال بعض الكتابات بأن هناك عيبا في الاسلام يحاولون مداراته، أو هناك تأثر بالنظرية الغربية يحاولون على استحياء تبديده بنظريات هى أقرب ما تكون للدفاع منها لمحاولة الوصول لجوهر المسألة كام أتت في الإسلام، فالاسلام رائع، على المستوى النظري والعملي، لاشئ يمكننا الخجل منه أو الدفاع عنه، بكل فخر وعزة وحب نبحث في هذا المقال عن الفكر وراء نظرية الحرب في الإسلام.

لا أعتقد أن للذين يهاجمون الاسلام الحق بحكم تاريخ نشرهم لدينهم أن يهاجموا أي نشر دين أخر حتى لو كان انتشاره بالقوة كما يزعمون، فتاريخهم ملوث بالدماء وصفحاتهم مليئة بمقابر الموتى والضحايا من أجل نشرهم للمسيحية التي بدأت على يد قسطنطين في في أوائل القرن الرابع الميلادي الذي اضطهد اليهود فجدع أنوفهم ونفاهم عن أوطانهم، كما أعمل الامبراطور ثيودوسيوس السيف في اليهود والوثنيين على السواء وحطم المعابد وقتل أصحاب الديانات الوثنية واليهودية، وتبين صورة الكهف في القران الكريم صورة من صور الاضطهاد في ذلك الزمان وهى تحكي أهل الكهف الهاربين بدينهم من الاضطهاد. كما أن دولا بكاملها أرغموا على اعتناق النصرانية مثل مصر


وظل الاضطهاد والتنكيل بمن لا يعتنق الوثنية منتشرا في أوروبا فانتشرت المسيحية بالسيف والدم بين قبائل السكسون وانتشر التعذيب واستمرت المعاناة.

وبعد أن دانت أغلب أوروبا بالمسيحية وسقطت الأندلس حصل المسلمون على نصيبهم من التعذيب والتنكيل فنالت منهم محاكم التفتيش التي يقول عنها جوستاف لوبون: يستحيل علينا أن نقرأ دون أن ترتعد فرائضنا من قصص التعذيب و الاضطهاد التي قام بها المسيحيون المنتصرين على المسلمين المنهزمين ، فلقد عمدوهم عنوة، و سلموهم لدواوين التفتيش التي أحرقت منهم ما استطاعت من الجموع ، و اقترح القس بليدا قطع رؤوس كل العرب دون أي استثناء ممن لم يعتنقوا المسيحية بعد ، بما في ذلك النساء و الأطفال ، و هكذا تم قتل أو طرد و ثلاثة ملايين عربي، و كان الراهب بيلدا قد قتل في قافلة واحدة للمهاجرين قرابة مائة ألف في كمائن نصبها مع أتباعه ، و كان بيلدا قد طالب بقتل جميع العرب في أسبانيا بما فيهم المتنصرين، و حجته أن من المستحيل التفريق بين الصادقين و الكاذبين فرأى أن يقتلوا جميعاً بحد السيف ، ثم يحكم الرب بينهم في الحياة الأخرى ، فيدخل النار من لم يكن صادقاً منهم. ناهيك عن مذابح الصليبيين في بلاد الشام زمن الحروب الصليبية وخاصة مذبحة بيت المقدس عند فتحها حتى وصفها أحد الكتاب المعاصرين الذين عاصروا تلك الواقعة بأن خيول الصليبيين قد غاصت في دماء أهل المدينة من المسلمين والمسيحيين على السواء حتى ركبها!!
ولم يسلم أهل البلاد التي احتلها البرتغاليون وغيرهم خارج أوروبا من القتل والتنكيل إذا لم يتركوا دينهم ويعتنقوا المسيحية، لقد رفع قائدهم السيف في يد والإنجيل في الأخرى في الفلبين بعد نزول جيشهم بها، فتنصر العديد من أهل البلاد من المسلمين، وقاتل آخرون حتى أذاقهم المحتل سوء العذاب.

الغريب أن الأباطرة ورجال الكنيسة كانوا يأمرون ويفرحون لتلك المذابح رغم أن تعاليم المسيحية لا تأمر إلا بالتسامح؟! فمن أين تأتي تلك التعليمات إذن؟ أهي رغبات شخصية لأصحابها أم هى المسيحية نفسها؟ ومن يمكنه اتهام المسيحية بأنها دين دموي انتشر بحد السيف؟ لم نسمع عن هذا من قبل ولم نفعله أيضا، ولا حتى اتهمنا الذين يقترفون تلك الفظائع فهم أقوام متحضرون، يحرقون الآخرين ويذبحونهم من أجل توعيتهم وتعمير بلادهم ونشر الوعي والفكر والثقافة بينهم!! هكذا يقولون، وهكذا فعلوا بعد قتلهم لمليون ونصف مسلم في العراق في الحرب الصليبية الجديدة.

المسألة الأولى إذن هو أن من يتهم الإسلام بالعنف في الواقع لم يكن له أن يفعل إن كان لديه حياء بعد كل هذا التاريخ المستمر حتى الآن من الدموية والعنف والتدمير والحروب ومعاناة الشعوب مما تقترف أيديهم.

المسألة الثانية هو أننا يجب أن نتعرف على نظرية الحرب في الإسلام، وأتعجب من ذهاب المفكرين كل مذهب دفاعا عن الإسلام في تلك النقطة وكأن هناك ما يعيب، نستحي منه ونحاول تجميله أو الدفاع عنه، بينما مارسه المسلمون طوال قرون عديدة وكان مصدرا لعزهم وتمكينهم وقوتهم، فلم نسمع أو نقرأ خلال هذا التاريخ عما سمعناه من ان الحروب في الإسلام للدفاع أو أن خير وسيلة للدفاع هى الهجوم ( وهى من أفضل ما وجدناه!!) وكثير من الدفاعات الغريبة الضعيفة التي يكتبها أصحابها على استحياء بخجل في دفاع واهن عمن لا يريد دفاعا!!

الله فطر الانسان، ويعرف أن الحرب ضرورة له ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)، لذا قام بتنظيمها بشكل يليق بأهدافها وفعالياتها وحفظ كرامة الإنسان فيها غالبا ومغلوبا، وهو ما أزعم بأن أحدا لم يفعله قبل الإسلام بتلك الصورة المنظمة الرائعة التي يقول عنها البارون "دي توب": (وهذه هي مختلف القواعد الشرعية الإسلامية التي عمل لها لتخفيف وطأة الحروب من القرن السابع إلى القرن الثالث عشر للميلاد، فهي إذن أسبق بأمد طويل على الأفكار والمبادئ القانونية المماثلة والتي بدأت تشق طريقها خلال الهمجية التي استولت على الحياة الدولية الأوروبية خلال القرن الثالث عشر مما يدل على أثر القواعد الإسلامية في القانون الدولي الأوروبي.

للحرب في الإسلام تقسيمات مرتبة حسب الهدف، يجمعها ويوحدها أخلاقيات الحرب في الإسلام فأهداف الحرب في الإسلام هي:
1- حفظ أنفس المسلمين وديارهم وأرضهم
يقول النبي صلى الله عليه وسلم "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم" ، ونظر ابن عمر يوماً إلى الكعبة فقال: "ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك"، وقال النبي الكريم: إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار" فقيل: "يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟" قال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة" وقال أيضا عليه الصلاة والسلام "لا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا"
2- أن يكون الحكم في الأرض ما أنزل الله
(إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) سورة المائدة 44

(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) سورة المائدة 45

(وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) سورة المائدة 47

3- فتح باب الحرية للشعوب لاختيار العقيدة التي يؤمنون بها
النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسل علياً لفتح حصون خيبر وجهه قائلاً: "أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله رجلاً بك خير لك من أن يكون لك حمر النعم"

فحرص الإسلام على فتح البلاد ليس من أجل فرض الإسلام عليهم، بل لإعطائهم الحرية لاختيار الدين (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) سورة يونس 99

لقد فتح العرب مصر، ساعدهم المصريون في الفتح وراسلوهم قبله، رغم أن الرومان الذين كانوا يحتلون مصر في ذلك الوقت على ديانة المصريين المسيحية، لكن العدل الذي سمعه المصريون عن المسلمين دفعهم الى مراسلتهم ومساعدتهم على فتح بلادهم، ولم يدخلوا في الاسلام الا بعد سنين طويلة للغاية نعمت فيها مصر بحكم الاسلام العادل الذي وفر حرية الاديان ولم نسمع عن قصة واحدة عن فرض الاسلام بالقوة على من لا يؤمن به فيها بعد هذا

وقسمت الحرب إلى:
- حرب الدفاعية
( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين, واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين, فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم, وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين, الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما أعتدي عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) البقرة 190-194

(أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير, الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها أسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره أن الله لقوى عزيز) الحج39ـ 40

(لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون, فأن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون, وإن نكتوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر أنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون, إلا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه أن كنتم مؤمنين, قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) التوبة: 10: 14

- الحرب الهجومية

لنصرة المظلوم حيث قال الله تعالى (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا آخر جنا من هذه القرية الظالم أهلها وأجعل لنا من لدنك وليا وأجعل لنا من لدنك نصيرا) النساء: 75

لفتح البلاد التي لا يدين حكامها بالاسلام (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف أليكم وانتم لا تظلمون) الأنفال: 60

والهدف من تلك إخضاع الأرض لله، وتوفير الحماية الكاملة والحرية لمن يرغب في اعتناق الإسلام أو البقاء على دينه

آداب الحرب في الإسلام:
يلخصها الاستاذ مروان أبو بكر فيقول: إن الحرب كما سبق أمر قدري لا محيد عنه، فكما أن السلم موجود، فكذا ضده موجود، والإسلام قد استقبل هذا القدر الكوني بمجموعة من التشريعات سبق إليها أدعياء الحضارة بمراحل، وتميز عنهم أيضاً في التزام أهله بها، ويمكن أن نوجز الحديث عن هذه الأخلاقيات في هذه النقاط:1- لا يقتل إلا المقاتل فقد نهى الإسلام عن قتل غير المقاتلين، قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة: 190، قال الشوكاني: "وقال جماعة من السلف: إن المراد بقوله: (الذين يقاتلونكم) من عدا النساء والصبيان والرهبان ونحوهم".وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ولاتقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً ولا صغيراً ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"وعن نافع أن عبد الله رضي الله عنه أخبره "أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان"2- النهي عن قتل المدبر والإجهاز على الجريح، عن حصين عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "ألا لا يقتل مدبر ولا يجهز على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن"3- النهي عن الغدر والمثلة –تشويه الجثث- كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اغزوا باسم الله وفي سبيل الله وقاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولاتقتلوا وليدا"4- النهي عن التدمير والتخريب من غير حاجة، عن صالح بن كيسان قال: لما بعث أبو بكر رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان إلى الشام على ربع من الأرباع خرج أبو بكر رضي الله عنه معه يوصيه ويزيد راكب وأبو بكر يمشي فقال يزيد: "يا خليفة رسول الله إما أن تركب وإما أن أنزل"، فقال: "ما أنت بنازل وما أنا براكب، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله، يا يزيد إنكم ستقدمون بلاداً تؤتون فيها بأصناف من الطعام، فسموا الله على أولها واحمدوه على آخرها، وإنكم ستجدون أقواماً قد حبسوا أنفسهم في هذه الصوامع، فاتركوهم وما حبسوا له أنفسهم، وستجدون أقواماً قد اتخذ الشيطان على رؤوسهم مقاعد يعني الشمامسة فاضربوا تلك الأعناق، ولا تقتلوا كبيراً هرما،ً ولا امرأة، ولا وليداً، ولا تخربوا عمراناً، ولا تقطعوا شجرة إلا لنفع، ولا تعقرن بهيمة إلا لنفع، ولا تحرقن نخلاً ولا تغرقنه، ولا تغدر، ولا تمثل، ولا تجبن، ولا تغلل، (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحديد: من الآية25. أستودعك الله وأقرئك السلام"5- إكرام الأسير قال الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) الإنسان: 8، قال البيضاوي: "مسكينا ويتيماً وأسيرًا يعني أسراء الكفار فإنه صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين فيقول: أحسن إليه"
فهذه بعض مظاهر سماحة الإسلام حتى التي شملت حتى ساحات الوغى ووسعت حتى من حمل السلاح راجياً أن يطفأ نور الله، فهل ثمة مقارنة بين ما نراه من الصليبين واليهود وأشباههم اليوم في حربهم على الإسلام الموسومة تمويهاً بالحرب على الإرهاب؟.هذه هي بعض ملامح الحرب في شريعة الإسلام الغراء التي ضيقت من نطاقها، وعالجت آثارها، فهل من وجه للمقارنة بينها وبين الحرب التي يشعلها طغاة اليوم فلا تبقي ولا تذر.

وعلى هذا فان الاسلام لم يفرض الحرب للدفاع فقط، والا ظلت المدينة المنورة تدافع عن نفسها حتى اليوم، بل فرض الحرب هجوما كما فرضها دفاعا، ونحن كمسلمين نفخر بهذا فهى امة قوية عزيزة قامت لتمكن لدين الله في الأرض هجوما ودفاعا، بحروب تحترم فيها كرامة الانسان مهما كانت ديانته وتوقر فيها المرأة وتعطف على الأطفال وتبقي على الأشجار.

هل استطاع الغرب الذي يهاجم الاسلام أن يكون بهذا النبل في الأهداف والوسائل؟ قطعا لم يحدث هذا، فأهدافه هى نهب خيرات بلادنا وفرض ثقافته الدينية أو الفكرية على شعوبنا، أما وسائله فهى الاسلحة المحرمة والغير محرمة ولتبرير حملاته يقول أحيانا إنها لإنقاذنا من التخلف وتعمير بلادنا التي لم نستطع تعميرها بتخلفنا، أو لانقاذ البشرية من شرورنا النووية التي ننوي امتلاكها!! عجبا للدولة الوحيدة التي أطلقت القنبلة النووية على اليابان تقيم الحرب على العراق وإيران لشكها فى امتلاكهما أو سعيهما لامتلاك القنبلة النووية!!

الحروب في الإسلام لإخضاع كل الحكام الذين لا يحكمون بما انزل الله للجزية، او فتح بلادهم عنوة وإطلاق الحرية للعباد لاختيار دينهم بأقل عدد ممكن من الضحايا ووسائل محترمة شريفة أتمنى لو يصل الغرب لرقيها وهو يدعي الحضارة ولا نرى سوى سفك الدماء لملايين البشر لاهداف خبيثة بوسائل غير شريفة. وعجبا لهم يتهمون الاسلام بعد هذا بالمغالاة !!

الخــونـــة 5


الخــونـــة 5

في كل دور من أدوار الصراع حول القدس والممالك المجاورة لها أيام الحروب الصليبية يظهر الخونة، وكلما ظهر قائد جديد واستطاع اكتساب ارض جديدة في المعركة وجد المشروع الإسلامي مقاومة من ناحية أخرى، فالمسألة قد تصطدم بالمصالح الشخصية للخونة وكراسيهم، فقد يكونوا مشجعين ومؤيدين لمحاربة المحتل الصليبي من المنطقة، وعندما يكتشفون بأن المسألة تحتاج إلى تضحية من نوع ما قد تصلى إلى الكراسي هنا قد ينقلب منهم البعض على ماضيه ومبادئه، ويتحول إلى خائن لأمته. وسبحان من بيده القلوب يقلبها بين إصبعيه كيف يشاء.

المخلص مبتلى أيضا، فقد مات نور الدين زنكي وترك ابنه الصغير القاصر وأرسل صلاح الدين الأيوبي أقوى أمراء الزنكيين بحقه في الوصاية على ابن نور الدين والمملكة الواسعة التي تركها له أبوه. لكن حكم صلاح الدين لمصر وموت نور الدين جعل موازين الحكم تنتقل من الشام إلى مصر، والواقع أن الشام كانت قد أنهكت من طول الصراع مع الصليبيين، وهدرت الكثير من مواردها في هذا الصراع، بالإضافة إلى أن ولاءات الحكام وسرعة تبادل الأدوار وتغيرها في الشام جعلها تفقد جزءا هاما من حيويتها، انتقال زمام الأمور وثقل السلطة إلى مصر جعل الأمور تتغير، تستقر من أحسن إلى أحسن، فقد كان لمصر الكثير من الموارد الطبيعية والبشرية ولم يكن ينقصها سوى القليل من الإدارة والحنكة السياسية والإخلاص في الجد لطرد الصليبيين.

كان أمام صلاح الدين إذن الكثير من العمل فقد أثار حفيظة الشيعة بتحويله لمصر إلى المذهب السني، وأثار حفيظة الصليبيين باختطافه لمصر من بين أيديهم بعد أن كانت جيوشهم فيها وكانوا قاب قوسين أو أقل من احتلالها، بالإضافة إلى انه كان مستهدفا من الإسماعيلية الحشاشين الذين أرادوا قلته أكثر من مرة، وكانت مصر في حاجة إلى الكثير من العمل للعودة للنهوض باقتصادها وأحوالها التعليمية والفكرية مرة أخرى، لكن صلاح الدين المبتلى كان على قدر الابتلاء، فقد كان رجل عمل وعقل وحكمة وتدبير.

كان أسلوب عمل فرقة الحشاشين خيانة للأمة بالعمل على قتل عظماء قادة المقاومة الإسلامية، وكان اتصال الشيعة في مصر بالصليبيين للتأمر على صلاح الدين وعمل انقلاب ضده في الداخل ومهاجمة الصليبيون لمصر خيانة، وكانت هي أهم ما واجهه صلاح الدين في البداية فأجل مسألة فرض وصايته على ابن نور الدين زنكي حتى يتخلص من تلك الخيانات القاسية، فقبض على زعماء الشيعة المتآمرين في مصر، وهاجم الصليبيون الذين هاجموا مصر بقوة وشراسة وكبدهم خسائر فادحة وهرب من نجا منهم، ثم اتجه لتصفية الحشاشين وقتل الكثيرين منهم وعفا عن البعض.

حصل صلاح الدين على الوقت الكافي لإعادة القوة الاقتصادية والعلمية لمصر فأعاد ترتيب الأمور فيها وكان عليه أن يقوم بالخطوة التالية وهى ما حارب من اجله عماد الدين ونور الدين من قبل، أن يبني على ما قدماه هم، وهو توحيد جبهة الشام مع مصر، وهنا كانت خيانة أخرى، ولا غرو أن تكثر الخيانات فقد انتقل مركز الثقل من الشام لمصر ومعها تحرك الكثير من الأشياء هنا وهناك وتباينت المصالح، فقد تنازع الأمر على السلطة معه أمراء البيت الزنكي وهنا ظهرت خيانات أخرى، وعجبا فإنها كانت من البيت الزنكي، ان للكراسي لحلاوة قد تسلب العقول رزانتها وحكمتها، فقد تحالف أمير حلب وأمير الموصل من البيت الزنكي مع الصليبيين والحشاشيين للقضاء على صلاح الدين حفاظا على كراسيهم، إن للمناصب والكراسي ثمن فادح تدفعه الشعوب في غالب الأوقات، لكن الخونة أيضا يدفعون المزيد في الدنيا والآخرة.

لكن صلاح الدين كان من الذكاء والحكمة والقوة بحيث واجه كل التحديات في سبيل نجاح مشروعه، فقد حارب الزنكيين وانتصر عليهم وأرسل للخليفة يطلب إقراره على لقبه الجديد ملك مصر والشام فوافق له الخليفة على هذا، لكن غازي ملك الموصل مارس الخيانة وتحالف مع الصليبيين واتفقوا على مهاجمة صلاح الدين مرة أخرى بضراوة للقضاء عليه، لكن صلاح الدين انتصر عليهم انتصارا قاصما لأحلام الخيانة، وبعد صراع استمر أكثر من ست سنوات استطاع ضم الشام لمصر لتوحيد الجبهتين وبداية عصر جديد لطرد الصليبيين من المنطقة بعد أن تم القضاء على الخونة وهو أكثر ما أعاق ظهور هذا العصر.

الخــونـــة 4

الخــونـــة 4

أيام السكون قد ينخدع الكثيرون في القادة، حدث هذا من قبل ويحدث الان ايضا،وعندما يحتدم الصراع ما بين الفريقين إلى فريقين متحاربين تظهر الحقائق، وينحاز الخونة إلى فريقهم الطبيعي، إلى أعداء الأمة، كم يمكثون فوق الكراسي مطمئنين، لكنهم يوما ما تظهر حقائقهم عندما يكون الفريقين تحت ضوء الشمس، فريق في الجنة وفريق في السعير، تختف الاقنعة، وتسقط أوراق التوت التي بها يختبئون، وتتضح الرؤية، فلا يعود بمقدور الحكام المخادعين بالتظاهر بأنهم يعملون لصالح أمتهم.

عرف حكام دمشق أيام عماد الدين زنكي بموالاتها للصليبيين، ووقوفها أمام مد المشروع الإسلامي لتوحيد الإمارات الإسلامية لحرب الصليبيين، وهكذا استمر الحال بعد عماد الدين زنكي، الذي خلفه نور الدين زنكي في مشروع الوحدة وتطهير البلاد الإسلامية في فلسطين من الصليبيين، استمرت دمشق على حالها من الخيانة، وكان لابد من تخليصها من حكامها المتآمرين.

حاول عماد الدين زنكي أكثر من مرة الاستيلاء على دمشق فلم يستطع، واستمرت المحاولات فى عهد خلفه نور الدين زنكي، الذي رأى أن استخدام الحيلة أنفع مع النظام الخائن فيها، وخاصة بعد وفاة أنز المتصرف القوي في شئونها من قبل الحكام الذين وضعوا كل شئ بين يديه وأظهر القوة والمنعة ضد المشروع الإسلامي لصالح الصليبيين.

فأوقع نور الدين بين أتابك دمشق نور الدين وبين قادته، كما حاصرها ومنع تزودها بالمؤن لاحداث مجاعة بها، واتصل سرا ببعض رجالها المخلصين، فالخير في تلك الأمة لا ينقطع لحديث النبي الكريم، وقدكانت حالة الخيانة التي عليها دمشق تؤرق الكثير من القادة والأغلبية من الشعب الذين كانت تتوق أنفسهم للانضمام للمشروع الاسلامي الكبير تحت قيادة نور الدين للجهاد ضد الصليبيين، وكان اتصال نور الدين بهم سرا فرصة عظيمة لم تحدث من قبل فاستغلوها واظهروا الاخلاص في اسقاط مدينتهم في يد نور الدين، حتى ما ان ضعفت المدينة وانتشرت بها المجاعة والسخط على الخونة المتأمرين على أمتهم جهز نور الدين جيشا ودخلها في 549 هــ.

يقول صاحب الكامل في التاريخ: في هذه السنة، في صفر، ملك نور الدين محمود بن زنكي بن آقسنقر، مدينة دمشق ، وأخذها من صاحبها مجير الدين أنز بن محمد بن بوري بن طغدكين أتابك ، وكان سبب حرصه على ملكها، أن الفرنج لما ملكوا، في العام الماضي ، مدينة عسقلان ، لم يكن لنور الدين طريق إلى إزعاجهم عنها، لاعتراض دمشق بينه وبين عسقلان ، فلما ملك الفرنج عسقلان ، طمعوا في دمشق حتى أنهم استعرضوا كل من بها من مملوك ، وجارية من النصارى ، فمن أراد المقام بها تركوه ، ومن أراد العود إلى وطنه أخذوه قهراً شاء صاحبه أم أبى، وكان لهم على أهلها كل سنة قطيعة يأخذونها ينهم ، فكان رسلهم يدخلون البلد ، ويأخذونها منهم ، فلما رأى نور الدين ذلك ، خاف أن يملكها الفرنج ، فلا يبقى حينئذ للمسلمين بالشام مقام ، فأعمل الحيلة في أخذها، حيث علم أنها لا تملك قوة، لأن صاحبها متى رأى غلبة ممن يقصده ، راسل الفرنج ، واستعان بهم لئلا يملكها من يقوى بها على قتالهم ، فراسل مجير الدين صاحبها، واستماله ، وواصله بالهدايا ، وأظهر له المودة حتى وثق إليه ، فكان نور الدين يقول له قي بقض الأوقات : إن فلانا قد كاتبني في تسليم دمشق ، يعني بعض أمراء مجير الدين ، فكان يبعد الذي قيل عنه ، ويأخذ أقطاعه ، فلما لم يبق عنده من الأمراء أحداً ، قدم أميراً يقال له عطاء بن حفاظ السلمي ، الخادم ، وكان شهماً شجاعاً، وفوض إليه أمر دولته ، فكان نور الدين لا يتمكن معه من أخذ دمشق ، فقبض عليه مجير الدين ، وقتله ، فسار نور الدين حينئذ إلى دمشق ، وكان قد كاتب من بها من الأحداث ، واستمالهم فوعدوه بالتسليم إليه ، فلما حضر نور الدين البلد، أرسل مجير الدين إلى الفرنج ، يبذل لهم الأموال وتسليم قلعة بعلبك إليهم لينجدوه ، ويرحلوا نور الدين عنه ، فشرعوا في جمع فارسهم وراجلهم ليرحلوا نور الدين عن البلد، فإلى أن اجتمع لهم ما يريدون ، تسلم نور الدين البلد، فعادوا بخفي حُنَيْن .

هذا درس للخونة اذن، بأنه مهما طال فترة حكمهم فان الشعب ان لم يكن راضيا وسنحت الفرصة للاتصال بقوى مخلصة فإنهم سريعا ما ينضمون لراية الدفاع عن الأمة وعن بلاد الإسلام وعن ديارها. التاريخ قد يتوقف قليلا لكنه يعود فيتحرك للأمام.

وهكذا تكونت قوتان عظميين بعد سقوط دمشق في يد نور الدين زنكي في مواجهة الصليبيين في الغرب، لكنه نشأت منطقة فراغ في الجنوب وهى مصر بعد سقوط الحضارة الفاطمية ووجود فراغ قوى في مصر، لذا فقد أصبح الصراع محموما للحصول على مصر ما بين الصليبيين ونور الدين زنكي، وهذا المشروع الذي ساهم فيه عماد الدين زنكي ثم نور الدين زنكي أكمله صلاح الدين الأيوبي فيما بعد باستيلائه على مصر وتشكلت قوى عظمى تناهض المشروع الأوروبي الصليبي في فلسطين.

الدرس الهام ها هنا، أن المشروع لم يكتمل لإسقاط الصليبيين إلا بعد إسقاط الخونة في الداخل أولا، وعندما يسقط الخونة يصبح تحقيق النصر على الأعداء أسهل، فهؤلاء الخونة في داخل بلادنا هم اشد خطرا علينا من الأعداء في الخارج وهم خنجر في ظهر الأمة، لا تستطيع النهوض ولا الانتصار إلا بعد انتزاعه، وبقوة ثم علاج أثار الجرح الذي أحدثوه.

الخــونـــة 3

الخــونـــة 3

التاريخ يكتب عن الخونة، وعن الأبطال أيضا، لكن ذاكرة الناس لا تتسع إلا للأبطال، أما الخونة فمع الوقت ننساهم، وتذهب ذكراهم مع الأيام، ولولا ما نستفيده من دروس الخيانة ما ذكرهم أحد، ولا كتبت عنهم أيضا، فإن ذكرهم بغيض على النفس، لكن فيه دروسا للخونة الموجودين على الكراسي الأن ليعرفون كيف ستذكرهم الأجيال القادمة، ودروس أخرى نستفيد منها أيضا.

معين الدين أنز أحد الخونة، ظهر في فترة بدايات وجود أبطال التحرير المسلمين أثناء الحروب الصليبية، فقاومهم، وقاوم مشروع الوحدة الإسلامية، كما ناصر الصليبيين، وكان حجر عثرة ضد مشروع طرد الصليبيين من المنطقة.

ظهرت مواهب معين الدين أنز مبكرا في مقاومة جيش التوحيد بقيادة زنكي ففي سنة 529هــ بينما لم يكن لمعين الدولة أية سلطة أو ذكر في التاريخ، اتفق عماد الدين زنكي بطل التحرير على أن يتسلم مدينة دمشق من حاكمها شمس الملوك، وذلك في إطار جهود زنكي لتوحيد جبهة البلاد الإسلامية في مواجهة الصليبيين، لكن شمس الدين مات قبل أن يسلم دمشق لزنكي، ورفض شهاب الدين خليفة شمس الدين تسليم دمشق فقرر زنكي إعلان الحرب على دمشق للاستيلاء عليها بالقوة، وهنا ظهرت بطولة معين الدين مبكرا كقائد من قوات شهاب الدين المناهضة لوحدة المسلمين تحت راية واحدة للوقوف في وجه الصليبيين، وربما كانت بطولته المبكرة تلك هى ما أهلته ليكون زعيم حزب الخونة في ذلك العصر والمكان. أبدى معين الدين بطولة فائقة اذن ضد جيش عماد الدين زنكي، وأظهر معرفة كبيرة بأمور الحرب والقتال ومقاومة الحصار وهو ما أهله لعلو شأنه والوصول إلى مراتب الحكم في تلك المدينة وفي غيرها. ولم يستطع زنكي فتح المدينة لوصول أمر من الخليفة المسترشد بالله يأمره بهذا.

بعد تلك الواقعة بعام، وفي سنة 530هــ ، ونظرا لإلحاح زنكي في ضم حمص وكثرة حصاره لها والإغارة عليها فقد قرر حكامها أولاد الأمير خير خان بن قراجا تسليمها لوالي دمشق شهاب الدين، على أن يمنحهم تدمر بدلا منها، فوافق شهاب الدين، ولم يجد أفضل من معين الدين لكي يوليه عليها نظرا لما أظهره من شجاعة وقوة ومعرفة أثناء حربه مع زنكي في دمشق. وكاتب شهاب الدين زنكي في الصلح، وجرى الصلح بينهما واستقرت الأمور في حمص لمعين الدين أنز وأصبح لديه الوقت لاكتساب مزيد من القوة والتنظيم داخل حمص المدينة التي أصبح حاكما عليها لأول مرة وليكتسب الخبرة في شئون الحكم.

وللمرة الثانية يجري القتال بين الطرفين، زنكي ومعين الدين، فقد حاول زنكي الحصول على حمص لضمها لجبهة التحرير الإسلامية، وليشكل قوة كبرى من المدن الإسلامية في مواجهة الصليبيين، ورغم أنه حاول مع معين الدين أنز بالوعد مرة و بالوعيد مرة أخرى، إلا أنه لم يستطع نتيجة مقاومة معين الدين، ومرة أخرى يظهر أنز القوة في مواجهة مد جيش التحرير الإسلامي ويظل حجر عثرة في سبيل تقدمه وتوحده.

وأخيرا جاءت الفرصة الكبرى التي كان يتمناها معين الدين أنز، فقد مات شهاب الدين حاكم حمص ودمشق، اغتيل من أقرب المقربين له، فكتب معين الدين لأخيه حاكم بعلبك يخبره فيه ما حدث ويطلب منه الحضور فحضر، وزجه من أمه وأعطاه تفويضا مطلقا في التصرف في أمر دولته بكاملها، ليصبح هو حاكما شرفيا، وليكون الأمر بكامله بيد معين الدين، وبهذا تشكلت جبهة كبيرة يقودها معين الدين أنز ضد جبهة التحرير الإسلامي التي يقودها زنكي، فوقف ضد المشروع الإسلامي تماما كما يقف مبارك الآن، بل وفعل ما فعله مبارك أيضا من التحالف مع الصليبيين ضد المسلمين وكأنه للخيانة خط واحد يسير فيه كل الخونة، الفارق الذي بينه وبين مبارك أن أنز أحسن السيرة في الرعية، وسير شئون البلاد بشكل جيد، وهو ما يجعله يتفوق على مبارك في السيرة وحسن الإدارة، وكلاهما خائن.

حاول زنكي مرة أخرى أن يحصل على دمشق، بأن يغري أنز أن يسلم له دمشق ويعطيه في مقابلها جزيل العطاء، لكن أنز رفض، فاتجه زنكي إلى بعلبك وقاتلها قتالا شرس، واستولى عليها بالقوة من أنز، ولم يتبقى في يد أنز إلا حمص ودمشق، الغريب أن أنز رغم إرسال قواته للاستغاثة وطلب المدد من أنز لم يرسل لهم أنز أية قوات أو معونات لمساعدتهم؟ فهل التخلي عن الأعوان والمساعدين من صفات الخونة؟ أظن هذا، فقد ركز أنز قواته لحماية مدينته ولم يشأ أن يشتت قواته فتسقط كل مدنه، واثر التضحية بأحدها على أن يظل قويا هو في مركزه، وسقطت بعلبك وشكلت أحدى مدن المقاومة الإسلامية ضد الصليبيين.

وفي سنة 534 هــ، قرر زنكي الحصول على دمشق، فقد كانت بوابة المواجهة مع الصليبيين وبقائها فى يد أنز الممالئ للصليبيين يشتت الكثير من جهوده في محاربتهم، جهز زنكي جيشه لحصار دمشق، ودخل معهم في مناوشات انتصر فيها جيش زنكي انتصارا مبشرا بالنصر، فخاف أنز من سقوط مدينته في يد زنكي، وهنا حدثت الطامة، فقد أرسل أنز للصليبيين يستعين بهم في قتاله ضد زنكي، وكما نصح مبارك للأمريكان فى حربهم للعراق وافغانستان فقد نصح أنز للصليبيين وخوفهم في مراسلاته بأن استيلاء زنكي على دمشق لا يجعل لهم قرارا ولا موطنا فى مدنهم، فهم ان لم ينصروه ضد زنكي سقطوا معه، وكان أنز من الخيانة أيضا بأن يعقد معهم حلفا للعمل والتحرك والحرب ضد زنكي، ووعدهم بأنه إن تخلص من زنكي سار بجنده إلى بانياس فأسقطها ومنحها للصليبيين هدية لهم على نصره إياه.

وهكذا تتشكل الخيانة، ففي البداية، وقف ضد تيار التحرير الاسلامي، وعندما سقطت بعلبك ترك رجالها يواجهون زنكي ولم يرسل لمساعدتهم رغم أنهم من رجاله المخلصين الذين قاوموا زنكي بأوامره وتركهم لمصيرهم بعد تورطهم في الحرب، الآن وبعد أن حوصر في مدينته ظهرت الخيانة واضحة قاتمة بوجه كالح وعيون قاسية، فكلما تورط الخائن كلما تساقطت ألأوراق، وكلما أصبح محيطه الذي يتولى أمره فى خطر أكبر، وهكذا تورط الشعب المسلم فى دمشق في خيانات أنز في تحالف سئ مع الصليبيين ضد زنكي وجيشه، إلا أن زنكي عندما علم بالأمر تحرك لقتال الصليبيين قبل قدومهم والتحامهم مع قوات أنز، أثر الصليبيون السكون وعدم التحرك خوفا من قوة زنكي.

بعد تحرك زنكي عن الصليبيين كانت الفرصة مواتية لأنز كي ينغمس أكثر في خيانته مع الصليبيين، فهاجم بانياس التي كانت ضمن المدن التي يحكمها زنكي، وذلك بالاتفاق ومساعدة الصليبيين، وحاصرها وضيق عليها ولما سقطت سلمها للصليبيين هدية لهم على مناصرته إياه، وهكذا أصبح المشروع الصليبي يجد من يناصره بقوة السلاح ويقف في وجه المشروع التحرري بقيادة زنكي الذي هاجم دمشق مرة أخرى لتحريرها من هذا الخائن، لكنه مرة أخرى لم يستطع أن يسقطها.

استقر الحكم لأنز إذن بمساعدة الصليبيين، فهل يستمر حكمه رغم الدعم القوى من المشروع الصليبي الذي تقف خلفه كل دول أرويا؟ التاريخ يعلمنا أنه لا، {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (109) سورة التوبة، فقد حضرت الحملة الصليبية الثانية بقيادة ملوك ألمانيا وفرنسا، جاءت الحملة لتحرير الرها التي سقطت في أيدي المسلمين، وأحدث سقوطها دويا هائلا في أرويا، كان من المتوقع أن يكافئوا هذا الحليف الوحيد لهم في المنطقة، لكن العكس حدث، فقد استخفوا به وخافوا من مواجهة زنكي {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} (65) سورة الأنفال، وهكذا كانت نقطة الضعف المتاحة للمشروع الصليبي هو حليفهم الذي فضلوا إسقاطه وضم ممتلكاته بدلا من الاصطدام مع مشروع قوي قد يخسرون في الرهان ضده.

اضطر أنز الذي يقول عنه صاحب الكامل (وكان معين الدين عاقلَا عادلاً خَثراً حسن السيرة ، فجمع العساكر، وحفظ البلد) اضطر أن يخاطب زنكي ويطلب منه المساعده، وهو الذي طالما وقف ضد مشروعه في توحيد الصف الاسلامي للوقوف في وجه الصليبيين، سقط أنز في الاختبار اذن، ووقف زنكي داعما لأنز كي لا تسقط دمشق في يد الصليبيين فأنذرهم بالحرب ضدهم ان هم لم يكفوا يدهم عن دمشق فانسحبوا!!!

ومات معين الدين أنز سنة 544هــ تاركا كل ما جمعه من ملك ومال ليقابل ربه في انتظار يوم الحساب، ومنذ ذلك التاريخ لم يعد أنز للدنيا ولا للملك، ولا أظنه يعود فقد ذهب ذهابا سنذهبه نحن أيضا، خالدا فيه أبدا لا عودة منه، فهل تساوي الدنيا بما فيه ان نضحى من أجلها بهذه الرحلة الأبدية، البعض كأنز ومبارك يقولون نعم، وكلنا نقول لا.

وبانياس التي استولى عليها أنز من المسلمين وسلمها للصليبيين استردها نور الدين زنكي خليفة عماد الدين، وكان من بين جيشه ابن معين الدين أنز فقال له نور الدين: للمسلمين بعد الفتح فرحة واحدة ولك فرحتان ، فقال : كيف ذاك ، قال : لأن اليوم ، برد الله جلد والدك مِنْ نار جهنم، وقانا الله من الخيانة ومن نار جهنم.
وجه الشبه بين مبارك وبينه، أن كلاهما خائن، لكن أنز كان عاقلا، عادلا، حسن السيرة والتدبير في المدن التي يحكمها، أما مبارك فلا، فقد جمع لخيانته سوء السيرة و الإدارة، والشهرة بين الناس بالسرقة والتلاعب بأقوات الشعب. وهذا هو الفارق بين خائن أيام عز فيه الإسلام ودولته، وخائن في أيام انهيار الحضارة الإسلامية.


الخــونـــة 2


الخــونـــة 2

هل لديك ذاكرة بعد أم انمحت ذاكرتك؟ لا أظن أنها لديك بعد، فقد سلبت منك، ومنى، ومن آخرين، الذاكرة التي أقصدها هى معرفتك لتاريخ أمتك، فلا أظننا نعرف، لأننا لم نتعلم أن نقرأ تاريخنا العظيم فنتعلم منه، لقد سطر العرب تاريخا مشرفا عظيما، لو عرفناه لعرفنا قدرنا ولأدركنا كم هى عظيمة تلك الأمة وكم هم عظماء هؤلاء الأجداد، بئس الأحفاد لنعم الأجداد لو تعلمون.

ومن الخونة نتعلم، ففي صقلية التي كانت إسلامية، رحم الله أيام مجدنا!! _ كانت صقلية تقع تحت حكم الفاطميون الذين دام ملكهم حوالي مائتين وسبعين عاما، عدة عوامل بدأت في إضعاف الحكم الإسلامي فيها وإدخالها في قبضة النورمانديين وأولها الخيانة، ومنها أيضا الفرقة بين قلوب المسلمين داخل الجزيرة

النورمانديون قبائل وثنية دخلت في المسيحية واستغلها البابا والقوي الاخرى والقوى المتمردة الأخرى في باري، وفرضت نفسها ووجودها وأصبحت طرفا هاما في معادلة الصراع الأوربي الإسلامي في ذلك الوقت. دخول النورمانديين وهى قوة فتية لم تكن لتغير الكثير من الواقع لولا العوامل التالية:

- تعرض الدولة الفاطمية للضعف
- الفرقة بين المسلمين والقوى الإسلامية داخل جزيرة صقلية
- الخيانة التي حدثت
كان شرق البحر المتوسط في ذلك الوقت خاصة في الجانب الشرقي منه يتمتع بالحكم الإسلامي تماما، ولم تكن هناك قوى أخرى تستطيع ازاحة المسلمين منه سواء كانت الإمبراطورية الأوربية الشرقية أو الغربية

بعد موت الأمير أبي الفتح يوسف أمير صقلية من الأسرة الكلبية الحاكمة لصقلية تابعة للفاطميين في مصر حدث نزاع علي الحكم والكرسي!! وهنا تبدأ المشاكل، فذا كان المثل الفرنسي يقول ابحث عن المرأة (فهي وراء كل شئ) فهنا في السياسة والتاريخ نقول ابحث عن الكرسي فهو وراء كل مصيبة تحدث أو نهضة، والموعد كان في تلك المرة تلك المرة مع مصيبة عظمى للخلافة الفاطمية والحضارة الإسلامية، وكان النزاع على الكرسي هناك قابعا وراء تلك المصيبة.

قامت الفتن الداخلية في الجزيرة بين الطامعين على الكرسي، فأرسل الصقليون في طلب مساعدة المعز بن باديس لإنهاء تلك الفتنة وإقرار الأمور، وبالفعل أرسل المعز جيشا، لكنه لم يستطع فعل شئ يذكر لهم، فاذا اختلفت القلوب وكانت الأطماع تحكمها لا يمكن اقرار الأمور، هكذا تعلمنا من لعبة الكراسي والمصالح خلال تاريخنا الإسلامي، وعد جيش المعز وليته ما فعل، فقد زاد الصراع بين الطامعين وتفتت الجزيرة بين حكام يملك كل منهم جزءا صغيرا في الجزيرة، وتحولوا إلى ما هو أبعد، مرحلة الصراع بين تلك الكيانات المفتتة.
وكما حدث في الأندلس حيث طمع عبد الرحمن شنجول في المرسي وفتت الأندلس، حدث في صقلية، فقد طمع احد الثائرين في الحكم واسمه محمد بن الثمنة واستولى على سرقوسة وتلقب القادر بالله، ثم زادت أطماعه في المدن الأخرى، لكنه هزم في إحدى الحروب بينه وبين أحد أمراء الجزيرة، وهنا كانت الخيانة، وحدثت المصيبة العظمى التي ضيعت صقلية من حكم المسلمين، فقد استنجد محمد بن الثمنة بالنورمانديين الأقوياء الذين كان حكمهم وأراضيهم تقع بجوار أراضي المسلمين، وكانوا يخشون على أنفسهم منهم، لكن هدية غير متوقعة جاءتهم من بلاد صقلية من محمد بن الثمنة جعلت المسألة بالنسبة لهم أسهل، وأطماعهم في أراضي المسلمين أكبر.

فحشدوا جيوشهم، وجهز محمد بن الثمنة جيشه لمساعدتهم ظانا أنهم سيقرون حكمه ويخرجون، فاستولوا على ميناء مسينا ومات الخائن بعد أن عجز وهم معه عن فتح بالرمو، فأرسل المعز بن باديس جيسا لمساعدة أهالي الجزيرة، وكانت الدولة الفاطمية في مرحلة ضعف فتركت الجزيرة لقدرها، لكن صراعا أخر كان يدور بين المستنصر في مصر وبن باديس في هذا الوقت أثر على الجزيرة، اذ أرسل المستنصر قبائل الهلاليين للقضاء على بن باديس لخروجه على طاعته، وكان ابن باديس قد اخرج جيشا كبيرا لانقاذ صقلية من النورمانديين وهو ما أضعف قوته أمام تلك الفبائل الهلالية التي عاثت في بلادعه فسادا وقضت عليه مما جعل تخليص صقلية من أيدي النورمانديين صعب المنال، وكانت الكارثة اأكبر تنتظر ذلك الجيش الذي أرسله ابن باديس لانقاذ الجزيرة اذ غرقت أكثر مراكبه. مات الخائن ولم يحصل على أي شئ, وظلت جيوش النورمانديين طامعة في اسقاط حكم المسلمين من الجزيرة وانهاء حكم المصريين والخلافة الفاطمية منها، وهو حلم كان بعيد المنال بالنسبة لهم وتحولت خشيتهم من المسلمين إلى جرأة عليهم فهاجموهم بشدة.

حاول خلفاء ابن باديس إنقاذ الجزيرة أيضا فأرسلا جيشا لها ولكن انقسام أهلها حال دون التفاف أهل الجزيرة حول الجيش، فكل منهم خاف على مدينته التي يحكمها والكرسي الذي يجلس عليه، لعن الله محبي الكراسي من أهل الفساد، فانهزم الجيش أمام النورمانديين، وذهبت أمال أهل المدينة في انقاذ جزيرتهم سدى بعد أن استدعى الخائن محمد بن الثمنة النورمانديين، وبعد أن رفض حكام المدن الاسلامية التوحد خلف جيش واحد لانقاذ الجزيرة خوفا على أطماعهم وكراسيهم من هذا الجيش.

وانفتحت شهية النورمانديين فاستدعوا جيشا من بيزا لمساعدتهم ودخلوا الخالصة وسقطت بالرمو وحولوا مسجدها إلى كنيسة ثم استولوا على باقي الجزية خلال عشرين عاما من هذا الفتح، على أن فتحهم للجزيرة جعل شهيتهم مفتوحة وجاءتهم أكبر على المسلمين فهاجموا مدنا اسلامية أفريقية أخرى وقتلوا أعدادا كبيرة من المسلمين وحرقوا بلادهم ونهبوها، واعتبرت حملتهم تلك على مدينة المهدية مقدمة للحروب الصليبية

وهكذا تسبب الخائن محمد بن الثمنة في تلك المصائب العظمى ومات ليقابل ربه بخيانته ولم ينل ما يريد أيضا!!

الخــونـــة 1


الخــونـــة 1

كثيرا ما نسمع كلمة "أن التاريخ لن يرحمهم"، وتظل تلك اللعنة وعدم الرحمة مطوية في كتب التاريخ للأكاديميين، لا يطلع عليها أحد ولا يعرفها عامة الناس، وفي العصور التي تنهار فيها الدول كما هو الآن ينهار العلم وخاصة الأوجه النافعة للأمة منه، وكما نرى الآن فقد تم تغييب التاريخ كأحد أهم مقومات نهضة الأمة، لكي لا تنشط الذاكرة وتعرف الأمة ماضيها الرائع فيستثيرها الحماسة لإعادة الأمجاد.

في تلك الفترات التي تنهار فيها الأمم تكثر الخيانات، نحن نعرف بعضها، الكثير يظل في طى الكتمان، لكن الوقت يكشف بعضه ويموت البعض فلا يعرفه أحد، فماذا عن الخونة في الماضي؟ هل أثرت خياناتهم في الأمة، وماذا عن مصيرهم ونتائج خياناتهم؟

من يكتبون عن الماضي و التاريخ يمجدون الأبطال، لا أحد يكتب عن الخونة، نادرا ما حدث هذا ، وأرى أن الدروس التي نأخذها من الخونة لا تقل في أهميتها عن تلك التي نستخلصها من سير الأبطال، وأحيانا تزيد. هنا نستدعي التاريخ بلعناته التي صبها على الخونة في الماضي، ليعرف الذين يبيعون أوطانهم العظيمة ودينهم إلى أي مصير هم ذاهبون، نحن نتحدث عن الدنيا، أما المصير في الآخرة فشئ أخر، عذاب رهيب لا نهاية له إلا أن يشاء الله، فلو اطلع أهل الدنيا على قميص واحد من أهل النار لماتوا جميعهم فزعا ورعبا، ماذا لو زاد ايمان هؤلاء وتيقنوا بالمصير في الأخرة فهل يعودوا؟ ربما لو رجعوا لعادوا لما نهوا عنه، إلا قليلا.. هكذا أظن.

هل سمعت عن عبد الرحمن شنجول؟ كان والده من خيرة رجالات التاريخ الإسلامي العظيم في الأندلس وهو الملك المنصور، وكان هو من أخسها. أدى حب هذا الحاجب للكرسي وزيادة أطماعه غير الشرعية في كرسي الخلافة إلى تفجير الأندلس وتدمير حضارته الإسلامية وقتل المسلمين لبعضهم البعض.

كان الخليفة هو الحاكم الشرفي للأندلس، لكن الحاجب كان الحاكم الحقيقي له، كان أبيه وأخيه من نوعية الحكام العظماء الذين ساهموا بشكل رائع في حضارة الأندلس، حصل هو منصب الحاجب بالوراثة بناء على انجازات أقاربه الممتازة ، والواقع لقد كان عديم الموهبة، قليل المهارات، ناقص الدين والعلم، طماع، فاسدا حتى أخمص قدميه، خان بلاده بطمعه في الخلافة فدمر الأندلس تدميرا لم تستطيعه الإمارات الصليبية التي حاربت المسلمين سنينا طوالا لإخراج المسلين من البلاد أن تفعل بالأندلس ما فعله هذا الأحمق.

الطامعين إذن في كراسي الحكم في عصورنا لهم سلف سبقوهم، وكانت النتائج متشابهة إلى حد بعيد، فقد تحايل عبد الرحمن شنجول إلى الخليفة هشام المؤيد بأن يعينه خليفة له وتحايل عليه بشتى الوسائل والطرق الممكنة، وهذا يعني خروج الحكم من بني أمية، وياليت أطماعه في الحكم كانت من أجل مصلحة البلاد والسكان، بل للهوى الشخصي وللحصول على الكراسي، لعن الله الكراسي التي لا تخدم بلادها وشعوبها.
حدث له ما اراد وتنازل الخليفة له عما رغب، وشجعه هذا على مزيد من الفساد، وعند خروجه من الأندلس على رأس جيشه انتهز أهل الأندلس الفرصة وخرجوا عليه بجيش يقوده محمد بن هشام بن عبد الجبار وتخلى عنه جنده البربر (المغاربة)، وقتل شنجول عند عودته، وكان من المفترض أن تنتهي الفنتة عند هذا الحد لولا أن محمد بن هشام هذا قائد الجيش كان من نفس نوعية شنجول الفاسدة، فاستولى على الحكم بالقوة من الخليفة هشام المؤيد وهدم مدينة الزاهرة العظيمة التي بناها المنصور العظيم والد شنجول الفاسد وكانت معقل العامريين وأطلق العنان في مهاجمة البربر وهم أحد عناصر سكان الأندلس الذين ساهموا بشكل فعال في بناء حضارته الإسلامية فكان نذير شؤم بفتح صفحة ملبدة بالدماء بين العرب والبربر من سكان الأندلس. فانفجرت الأندلس في صفحة دموية عجيبة من صفحات التاريخ السوداء يتربص كل فريق بالأخر ويدمر كل فريق مدن الأخر وينهب بيوته ويتقل منه ما يستطيع حتى خربت الأندلس وأصبحت أيلة للسفوط في يد أعدائها المتربصين لهم في الإمارات الصليبية.

هدم عبد الرحمن شنجول السئ صاحب الخلق الفاسد كل ما بناه عظماء الأندلس وأبناؤه المخلصين من المسلمين من حضارة عظيمة بفساد أخلاقه، لم يضف شيئا يذكر خلال فترة وجوده في منصبه سوى الزنا والكذب والخداع والاستبداد، وبفعلته الشنعاء في طمعه في كرسي الخلافة جر الأندلس كلها إلى كارثة لم تقع بها من قبل ولم يستطع أعداؤها خلال سنوات طويلة وكفاح مرير مع المسلمين من تحقيق حتى ولو جزء منه.

الطمع في الكرسي دون أن يكون هناك ما يمكن انجازه للأمة والسكان بلاء تجرع أثار لعنته كثير من سكان العالم الإسلامي من قبل، ومازلنا حتى اليوم نتذوق مرارته ولعنته التي يصبها علينا أولئك الخونة.

والقصة فيها ثلاثة معاني رائعة يمكن استخلاصها:
أولا: أن الشعوب الإسلامية يجب أن تكون قوية في عدم استسلامها للحاكم الخائن، فقد خرج الشعب على عبد الرحمن شنجول وقتلوه
ثانيا: قد يجمعنا الغضب جميعا بصالحنا و فاسدنا ضد الحاكم الفاسد ونسلم أمورنا عند ثورتنا على الحاكم الفاسد إلى من هو أفسد، وبدل أن تنصلح الأمور بثورتنا على الحاكم الخائن الفاسد فانها تؤول إلى مزيد من الفساد
ثالثا: أن الثورة قامت على عبد الرحمن شنجول وهو على رأس جيشه للجهاد خارج حدود دولته، وهذا يعني أن الحاكم الفاسد وقتها كان يؤدي دوره في الحدود الأدنى وهى الزود عن الدولة والجهاد في سبيل الله (قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ترك قوم الجهاد في سبي الله إلا أذلهم الله)، فما لنا اليوم لا نرى الحاكم يجاهد، وبدل أن يدافع عن بلادنا وهو الحد الأدنى المقبول لدى الشعب فإنه يسلمها بشعبها وخيراتها لأعدائها، وماذا حدث للشعب رغم أن الحدود كلها قد تم تخطيها من قبل الحاكم لا يثور!! غريب أمر زماننا بين الحاكم والمحكوم، وما أجمل قصص الخونة من أمتنا، فعلى أيديهم نتعلم!! ومنهم نشاهد ونقارن ونفهم.